رسول الله - ﷺ -: لا يجتعان في قلب عبد في مثل هذا الموطن، إلا أعطاه الله ما يرجو، وأمنه مما يخاف] (١).
وقوله: ﴿إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ﴾.
أي: إن رحمته تعالى مرصدة للمحسنين، الذين يخافونه بصدق فيمتثلون أوامره، ويتركون زواجره، ويدعونه خوفًا وطمعًا. قال مطر الوَّراق: (تَنَجَّزوا موعود الله بطاعته، فإنه قضى أن رحمته قريب من المحسنين) - رواه ابن أبي حاتم.
وذكر القرطبي سبعة أوجه لقوله "قريب" وليس "قريبة"، وذكر ابن كثير أشهرها: وهو تضمن الرحمة معنى الثواب، أو لأنها مضافة إلى الله - والله تعالى أعلم.
وقوله تعالى: ﴿وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ حَتَّى إِذَا أَقَلَّتْ سَحَابًا ثِقَالًا سُقْنَاهُ لِبَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَنْزَلْنَا بِهِ الْمَاءَ فَأَخْرَجْنَا بِهِ مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ كَذَلِكَ نُخْرِجُ الْمَوْتَى لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ﴾.
قال السدي: (إن الله يرسل الريح فتأتي بالسحاب من بين الخافقين، طرف السماء والأرض من حيث يلتقيان، فيخرجه من ثمَّ، ثم ينشره فيبسطه في السماء كيف يشاء، ثم يفتح أبواب السماء، فيسيل الماء على السحاب، ثم يمطر السحاب بعد ذلك. وأما ﴿رَحْمَتِهِ﴾ فهو المطر. قال: ﴿كَذَلِكَ نُخْرِجُ الْمَوْتَى لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ﴾، وكذلك تخرجون، وكذلك النشور، كما نخرج الزرع بالماء). قلت: وقرأ عامة قراء الكوفة ﴿نُشُرًا﴾. قال البخاري: (نُشُرًا: متفرقة). والأولى ﴿بُشْرًا﴾ هي الأشهر.
فالله سبحانه يرسل الرياح مبشرات بين يدي المطر، حتى إذا حملت الرياح سحابًا ثقالًا أي: ثقيلة قريبة من الأرض لكثرة ما فيها من الماء، ساقه الله لأرض ميتة مجدبة فأحيا بها النبات وأخرجه، وكذلك يخرج الله الأجساد من قبورها يوم القيامة، أفلا تتذكرون - أيها الناس - وتتفكرون.
وقوله: ﴿وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَالَّذِي خَبُثَ لَا يَخْرُجُ إِلَّا نَكِدًا﴾.
قال ابن عباس: (فهذا مثل ضربه الله للمؤمن. يقول: هو طيب، وعمله طيب،