كما البلد الطيب ثمره طيب. ثم ضرب مثل الكافر كالبلدة السَّبِخة المالحة التي يخرج منها النز، فالكافر هو الخبيث، وعمله خبيث).
وقال مجاهد: (الطيب ينفعه المطر فينبت، ﴿وَالَّذِي خَبُثَ﴾ السباخُ، لا ينفعه المطر، لا يخرج نباته إلا نكدًا. قال: هذا مثل ضربه الله لآدم وذريته كلهم، إنما خلقوا من نفس واحدة، فمنهم من آمن بالله وكتابه، فطاب. ومنهم من كفر بالله وكتابه، فخبث).
وقال السدي: (﴿وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَالَّذِي خَبُثَ﴾، هي السبخة لا يخرج نباتها إلا نكدًا، و"النكد" الشيء القليل الذي لا ينفع، فكذلك القلوب لما نزل القرآن، فالمؤمن لما دخله القرآن آمن به وثبت الإيمان فيه، والقلب الكافر لما دخله القرآن لم يتعلق منه بشيء ينفعه، ولم يثبت فيه من الإيمان شيء إلا ما لا ينفع، كما لم يخرج هذا البلد إلا ما لا ينفع من النبات).
وفي صحيح البخاري ومسلم عن أبي موسى - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - ﷺ -: [مَثَلُ ما بعثني الله به من الهُدَى والعلم، كَمَثَلِ الغيث الكثير أصاب أرضًا، فكانت منها نقية قبلت الماء، فأنبتت الكلأ والعُشْبَ الكثير، وكانت منها أجادبُ أمْسَكَت الماء، فنفع الله بها الناس، فشربوا وسَقَوا وزَرَعوا. وأصاب منها طائفة أخرى، إنما هي قيعان لا تُمسِكُ ماءً ولا تُنْبِتُ كَلأً، فذلك مثَلُ مَنْ فَقُهَ في دين الله ونفعه ما بعثني الله به، فعَلِمَ وعَلَّم، ومثل مَنْ لم يرفع بذلك رأسًا، ولم يقبل هدى الله الذي أُرْسِلتُ به] (١).
وقوله: ﴿كَذَلِكَ نُصَرِّفُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَشْكُرُونَ﴾.
تخصيص للشاكرين فإنهم هم المنتفعون بهذه الآيات والمواعظ والذكرى، فقليل من عباد الله الشكور.
٥٩ - ٦٤. قوله تعالى: {لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَاقَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (٥٩) قَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِهِ إِنَّا