وفي التنزيل:
١ - قال تعالى: ﴿أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ (٦) إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ (٧) الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلَادِ﴾ [الفجر: ٦ - ٨].
٢ - وقال تعالى: ﴿فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ﴾ [فصلت: ١٥].
٣ - وقال تعالى: ﴿وَأَنَّهُ أَهْلَكَ عَادًا الْأُولَى﴾ [النجم: ٥٠].
وقد كانت مساكنهم باليمن بالأحقاف، وهي جبال الرمل، وكانوا قد شُدِّدَ خلقهم فهم أصحاب أجسام عظيمة وقوة، وكان بداخلها - للأسف - قلوب فيها قسوة. وكانت بلادهم أخصب البلاد، فيها بساتين وزروع وعمارة، فأسخطوا الله بشركهم وتكذيب رسولهم فجعلها مفاوز.
وقد ردّ الملأ منهم - وهم السادة والقادة فيهم - على هود - ﷺ - بالتكذيب، حين دعاهم لإفراد الله تعالى بالعبادة فقالوا: ﴿إِنَّا لَنَرَاكَ فِي سَفَاهَةٍ﴾. قال القرطبي: (أي في حمق وخفة عقل). ﴿وَإِنَّا لَنَظُنُّكَ مِنَ الْكَاذِبِينَ﴾ - أي: في ادعائك الرسالة والنبوة.
فأجابهم: ﴿قَالَ يَاقَوْمِ لَيْسَ بِي سَفَاهَةٌ وَلَكِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ (٦٧) أُبَلِّغُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي وَأَنَا لَكُمْ نَاصِحٌ﴾ - في دعوتي لكم، وبلاغي حرصًا عليكم ﴿أَمِينٌ﴾ على ما أقول لكم.
قال النسفي: (وإنما قال هنا وأنا لكم ناصح أمين لقولهم وإنا لنظنك من الكاذبين، أي: ليقال الاسم الاسم، وفي إجابة الأنبياء عليهم السلام من ينسبهم إلى الضلالة والسفاهة بما أجابوهم به من الكلام الصادر عن الحلم والإغضاء وترك المقابلة بما قالوا لهم مع علمهم بأن خصومهم أضل الناس وأسفههم أدب حسن وخلق عظيم، وإخبار الله تعالى ذلك تعليم لعباده كيف يخاطبون السفهاء وكيف يغضون عنهم ويسلبون أذيالهم على ما يكون منهم).
وقوله: ﴿أَوَعَجِبْتُمْ أَنْ جَاءَكُمْ ذِكْرٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَلَى رَجُلٍ مِنْكُمْ لِيُنْذِرَكُمْ﴾.
قال ابن كثير: (أي: لا تعجبوا أن بعث الله إليكم رسولًا من أنفسكم لينذركم أيام الله ولقاءه، بل احمدوا الله على ذاكم).