وقوله: ﴿وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِنْ بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ﴾
أي: كنتم سُكّانَ الأرض بعد قوم نوح، وقد أهلك الله - كما تعلمون - أهل الأرض حين خالفوه وكذبوه.
قال السدي: (يقول: ذهب بقوم نوح، واستخلفكم من بعدهم).
وقوله: ﴿وَزَادَكُمْ فِي الْخَلْقِ بَسْطَةً﴾.
قال القرطبي: (ويجوز ﴿بصطة﴾ بالصاد لأن بعدها طاء، أي: طولًا في الخلق وعظم الجسم).
وقوله: ﴿فَاذْكُرُوا آلَاءَ اللَّهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾.
أي: اذكروا نعمه سبحانه ومننه عليكم كي تنالوا الفلاح وسعادة الدارين.
قال ابن زيد: (آلاؤه، نعمه). وقال قتادة: (أي: نعم الله).
أخرج الطبراني "في الأوسط" بسند حسن في الشواهد عن سالم بن عبد الله عن أبيه مرفوعًا: [تفكروا في آلاء الله، ولا تفكروا في الله] (١).
فأجابوه: ﴿قَالُوا أَجِئْتَنَا لِنَعْبُدَ اللَّهَ وَحْدَهُ وَنَذَرَ مَا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (٧٠)﴾.
تمَرَّدَ القوم وطغوا واستكبروا وأصروا على تقاليد الآباء الجاهلية، واستعجلوا العذاب والوعيد، شأن قوم نوح من قبلهم، واجهوا الإنذار بالكبر والاستهزاء حتى نزل بهم ما أهلكهم.
وقوله: ﴿قَدْ وَقَعَ عَلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ رِجْسٌ وَغَضَبٌ﴾.
المعنى: قد وجب عليكم بتكذيبكم ربكم ﴿رِجْسٌ وَغَضَبٌ﴾. وفي معنى "الرجس" أقوال:
١ - قال ابن عباس: (﴿رِجْسٌ﴾، يقول: سخط) - ذكره ابن جرير.
٢ - قيل: عني بالرجس الرَّيْن على القلب بزيادة الكفر - ذكره القرطبي.
٣ - وقيل: الرِّجسُ: العذاب. وقيل هو مقلوب من رجز - ذكره ابن كثير.