قال: لا آمرك ولا أنهاك، ثم قال ابن عباس: والله ما بعث الله نَبيّه - ﷺ - إلا زاجرًا آمرًا مُحلًا محرمًا. قال القاسم: فَسُلِّطَ على ابن عباس رجلٌ يسأله عن الأنفال، فقال ابن عباس: كان يُنَفَّلُ فرس الرجل وسلاحه، فأعاد عليه الرجل، فقال له مثل ذلك، ثم أعاد عليه حتى أغضبه، فقال ابن عباس: أتدرون ما مَثَل هذا؟ مثل صبيغ الذي ضربه عمر بن الخطاب، حتى سالت الدماء على عقبيه - أو على: رجليه - فقال الرجل: أما أنت فقد انتقم الله لعمر منك).
وقد ذكره الحافظ ابن كثير في التفسير ثم قال: (وهذا إسناد صحيح إلى ابن عباس: أنه فَسَّر النَّفل بما يُنَفّله الإمام لبعض الأشخاص من سَلَب أو نحوه بعد قَسْم أصل المغنم، وهو المتبادر إلى فهم كثير من الفقهاء من لفظ النفل، والله أعلم).
ومن أقوال المفسرين في (الأنفال):
١ - عن عكرمة ومجاهد: ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ﴾، قال: (الأنفال: الغنائم).
٢ - عن علي بن صالح بن حيّ قال: بلغني في قوله: ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ﴾، قال: (السرايا).
٣ - وعن عطاء قال: (هو ما شذَّ من المشركين إلى المسلمين بغير قتال، دابّة أو عبدٌ أو متاعٌ، ذلك للنبي - ﷺ - يصنع فيه ما شاء).
٤ - عن ابن عباس قال: (ويقال "الأنفال": ما أخذ مما سقط من المتاع بعدما تُقَسَّم الغنائم، فهي نَفْلٌ لله ولرسوله)، وسئل مرة عن الأنفالِ فقال: (السَّلب والفرس). أو قال: (الفَرَس والدِّرع والرمحُ). وقال: (كان يُنَفّل الرجل سلَبَ الرجل وفرسه).
٥ - وعن مجاهد: ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ﴾، قال هو الخمس. قال المهاجرون: لِمَ يُرْفَع عنا هذا الخمس، لم يُخْرج منا؟ فقال الله: هو لله والرسول).
والراجح ما ذكره شيخ المفسرين - الإمام ابن جرير رحمه الله - حيث قال: (هي زيادات يزيدها الإمام بعض الجيش أو جميعهم، إما من سَهْمه على حقوقهم من القسمة، وإما مما وصل إليه بالنفل أو ببعض أسبابه، ترغيبًا له، وتحريضًا لمن معه من جيشه على ما فيه صلاحهم وصلاح المسلمين، أو صلاح أحد الفريقين. وقد يدخل في ذلك ما قال ابن عباس من أنه الفرس والدرع ونحو ذلك، ويدخل فيه ما قاله عطاء من أن ذلك ما عاد من المشركين إلى المسلمين من عبد أو فرس، لأن ذلك أمره