إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (١٠) إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِنْهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَيُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الْأَقْدَامَ (١١) إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلَائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْنَاقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ (١٢) ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَمَنْ يُشَاقِقِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (١٣) ذَلِكُمْ فَذُوقُوهُ وَأَنَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابَ النَّارِ (١٤)}.
في هذه الآيات: يعرج سبحانه على ما جرى في أرض المعركة، إذا اصطف الفريقان وأيقنا أن القتال واقع لا محالة، وقد تغيّرت معالم الأمر الذي كان الصحابة رضي الله عنهم يرغبونه وقد خرجوا من أجله، وانصرف التفكير إلى القتل والنصر أو الشهادة، وهنا استقبل النبي - ﷺ - القبلة ثم مدّ يديه يستغيث ربه ويسأله نصر عصابة المؤمنين، وأن ينزل مدده وينجز وعده بكسر شوكة الكافرين، فاستجاب الله تعالى دعاءه ووعد بالإمداد بألف من الملائكة متتابعين. وأراد بذلك سبحانه تبشير نبيّه والمؤمنين، وطمأنة قلوب هؤلاء المجاهدين، فلا نصر إلا من عند الله العزيز الحكيم. وقد أنزل سبحانه المطر الخفيف أثناء نوم فئة الإيمان، وجعله طمأنينة تنعش صدورهم وتثبت قلوبهم وتغسل عنهم وسواس الشيطان ومحاولات مكره وتثبيطه، وتشد أقدامهم إذا وقفوا للقتال على أرض المعركة وقد اختلط ترابها بالماء فأمسكت. لقد أوحى الله تعالى إلى الملائكة بالنزول السريع إلى أرض الميدان، وبث الرعب في قلوب المشركين، وضرب رقاب الكفرة، وأصابعهم من تحت قبضة السيف. ذلك ليخزيهم ربهم بسبب كفرهم وشقاقهم الله ورسوله والله شديد العقاب. ذلك ليذوقوا وبال أمرهم ويوم الحساب ينتظرهم عذاب النار.
قوله تعالى: ﴿إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ﴾.
أخرج الإمام مسلم في صحيحه عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، قال: [لما كان يوم بدر نظر النبي - ﷺ - إلى أصحابه وهم ثلاث مئة ونيف، ونظر إلى المشركين فإذا هم ألف وزيادة، فاستقبل النبي - ﷺ - القبلة ثم مدّ يديه وعليه رداؤه وإزاره، ثم قال: اللهم أين ما وعدتني، اللهم أنجز لي ما وعدتني، اللهم إن تُهلك هذه العصابة من أهل