ظلماتٌ يوم القيامة، واتقوا الشح فإن الشح أهلك من كان قبلكم، حملهم على أن سفكوا دماءهم واستحلوا محارمهم] (١).
وفيه من حديث أبي هريرة أن رسول الله - ﷺ - قال: [لتؤدن الحقوق إلى أهلها يوم القيامة، حتى يُقادَ للشاة الجَلْحَاء - التي لا قرن لها - من الشاة القَرْناء] (٢).
وقوله تعالى: ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ﴾.
قال الرازي: (ثم إنه لما كان الداعي إلى الإقدام على الخيانة هو حب الأموال والأولاد، نبّه تعالى على أنه يجب على العاقل أن يحترز عن المضارة المتولدة من ذلك الحب).
قال ابن زيد: (﴿وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ﴾، قال: ﴿فِتْنَةٌ﴾، الاختبار، اختبارهم. وقرأ: ﴿وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ﴾ [الأنبياء: ٣٥]).
فالمال والولد امتحان من الله تعالى، وهو سبحانه مطلع على عبده هل يقع بسببهما في الخيانة أو اللهو، أو يختار الاستجابة لله والرسول والنجاة من تلك الفتنة.
قال الحاكم: (قد أمر الله بالعلم بذلك، وطريق العلم به التفكر في أحوالهما وزوالهما، وقلة الانتفاع بهما، وكثرة الضرر، وأنه قد يعصي الله بسببهما).
أخرج ابن ماجه بسند صحيح عن يَعْلَى العامري، أنه قال: جاء الحسن والحسين يسعيان إلى النبي - ﷺ -. فضمهما إليه، وقال: [إن الولد مَبْخَلَةٌ مَجْبَنَةٌ] (٣).
وفي لفظ عند الحاكم من حديث الأسود بن خلف: [إن الولد مبخلة مجبنة مَجْهلة محزنة].
وفي لفظ عند ابن عدي من حديث أبي سعيد: [الولد ثمرةُ القلب، وإنه مَجْبَنَةٌ، مَبْخَلَةٌ، مَحْزَنَةٌ].
وقد كان من دعائه - ﷺ - كما يروي أبو داود عن أبي هريرة -: [اللهم إني أعوذ بك

(١) حديث صحيح. رواه مسلم في "صحيحه" برقم - (٢٥٧٨) - كتاب البر والصلة.
(٢) حديث صحيح. أخرجه مسلم في الصحيح - حديث رقم - (٢٥٨٢) - الباب السابق.
(٣) حديث صحيح. أخرجه ابن ماجه (٣٦٦٦) - كتاب الأدب -. وقوله: "مبخلة مجبنة" أي مظنة البخل والجبن. لأجله يبخل الإنسان ويجبن. وانظر لما بعده صحيح الجامع (١٩٨٦)، (٧٠٣٧).


الصفحة التالية
Icon