قال تعالى: ﴿قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا﴾ [الكهف: ١١٠].
وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة، أن رسول الله - ﷺ - قال: [ما من الأنبياء من نبي إلا قد أُعطي من الآيات ما مِثْلُهُ آمَنَ عليه البَشَر، وإنما كان الذي أوتيتُ وَحيًا أوحى الله إليَّ، فأرجو أن أكونَ أكثرَهم تابعًا يوم القيامة] (١).
وقوله تعالى: ﴿وَإِذْ قَالُوا اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (٣٢) وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ (٣٣) وَمَا لَهُمْ أَلَّا يُعَذِّبَهُمُ اللَّهُ وَهُمْ يَصُدُّونَ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ﴾ الآية.
القول المشار إليه هو قول كبير جهلة هذه الأمة - أبي جهل لعنه الله - وهو فرعون هذه الأمة الذي أخزاه الله تعالى يوم بدر، وفيه نزلت هذه الآيات.
أخرج البخاري ومسلم عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: [(قال أبو جهل: ﴿اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ﴾ فنزلت: ﴿وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ (٣٣) وَمَا لَهُمْ أَلَّا يُعَذِّبَهُمُ اللَّهُ وَهُمْ يَصُدُّونَ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ﴾] (٢).
قال البخاري: (قال ابن عُيَيْنةَ: ما سمّى الله مَطَرًا في القرآن إلا عذابًا وتسميه العرب الغَيْثَ، وهو قوله تعالى: ﴿وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا﴾ [الشورى: ٢٨])
قال ابن عباس: (﴿وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ﴾، يقول: ما كان الله ليعذِّب قومًا وأنبياؤهم بين أظهرهم حتى يخرجهم، ثم قال: ﴿وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ﴾، يقول: وفيهم من قد سبق له من الله الدخولُ في الإيمان، وهو الاستغفار ﴿يَسْتَغْفِرُونَ﴾ يعني: يصلون، يعني بهذا أهل مكة).
وقال الضحاك: (﴿وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ﴾، يعني: المؤمنين الذين كانوا بمكة).

(١) حديث صحيح. أخرجه مسلم في الصحيح - حديث رقم - (١٥٢) - كتاب الإيمان - باب وجوب الإيمان برسالة نبيّنا محمد - ﷺ - إلى جميع الناس ونسخ الملل بملته.
(٢) حديث صحيح. أخرجه البخاري (٤٦٤٨)، (٤٦٤٩) - كتاب التفسير - سورة الأنفال، آية (٣٢). وانظر صحيح مسلم (٢٧٩٦) من حديث أنس، فالثابت أن القول المذكور لأبي جهل.


الصفحة التالية
Icon