وقال الحسن: (الفتنة: الشرك).
وقال قتادة: (﴿وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ﴾، حتى يقال: "لا إله إلا الله"، عليها قاتل نبي الله - ﷺ -، وإليها دَعا).
وقال ابن جريج: (﴿وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ﴾، أي: لا يفتن مؤمن عن دينه، ويكون التوحيد لله خالصًا ليس فيه شرك، ويُخلع ما دونه من الأنداد).
وقال ابن زيد: (﴿وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ﴾، قال: حتى لا يكون كفر، ﴿وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ﴾، لا يكون مع دينكم كفر).
قلت: والآية في وجوب إقامة الدين في الأرض ومحاصرة الشرك والفساد، لِيُعْبَدَ الله وحده لا شريك له، ويكون منهاجه تعالى هو الأعلى، ومناهج الفساد والضلال هي السفلى.
قال شيخ الإسلام: (فإذا كان بعض الدين لله وبعضه لغير الله وجب القتال حتى يكون الدين كله لله).
أخرج البخاري في صحيحه عن نافع، عن ابن عمرَ رضي الله عنهما: [أن رجلًا جاءه فقال: يا أبا عبد الرحمن، ألا تسمع ما ذكر الله في كتابه؟ ﴿وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا﴾ [الحجرات: ٩] إلى آخر الآية، فما يَمْنَعُكَ أنْ لا تُقاتِلَ كما ذكر الله في كتابه؟ فقال: يا ابن أخي، أُعَيَّرُ بهذه الآية ولا أُقاتِلُ، أَحَبَّ إليَّ مِنْ أَنْ أُعَيَّرَ بهذه الآية التي يقول الله تعالى: ﴿وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا﴾ [النساء: ٩٣] إلى آخرها، قال: فإن الله يقول: ﴿وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ﴾، قال ابن عمر: قد فَعَلْنا على عهد رسول الله - ﷺ - إذْ كان الإسلام قليلًا، فكان الرجل يُفْتَنُ في دينه: إمّا يَقْتُلوهُ وإما يوثِقوه، حتى كَثُرَ الإسلام فلم تكن فِتْنَةٌ، فلما رأى أنه لا يوافِقُه فيما يريد قال: فما قَوْلُكَ في عَليٍّ وعثمان؟. قال ابن عمر: ما قَولي في عليٍّ وعثمان؟ أما عُثْمانُ فكان الله قد عفا عنه فَكَرِهْتُم أن تَعْفُوا عَنْه، وأما عليٌّ فابنُ عَمّ رسول الله - ﷺ - وخَتَنُهُ - وأشار بيده - وهذه ابنتُهُ، أو بِنْتُهُ حيث تَرَوْنَ] (١).
وكذلك أخرج البخاري - عند تفسير هذه الآية - عن سعيد بن جبير قال: [خرجَ علينا