أو إلينا ابنُ عمرَ فقال رجل: كيف ترى في قتال الفتنة؟ فقال: وهل تدري ما الفتنة؟ كان مُحمَّدٌ - ﷺ - يُقاتِلُ المشركين، وكان الدخول عليهم فِتْنَةً، وليس كقِتالِكُمْ على المُلْكِ] (١).
وقوله: ﴿فَإِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ﴾.
قال القاسمي رحمه الله: (﴿فَإِنِ انْتَهَوْا﴾ أي عن الكفر والمعاصي ظاهرًا، ﴿فَإِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ﴾ أي ببواطنهم ﴿بَصِيرٌ﴾ أي فيجازيهم، وعليه حسابهم. فكفوا عنهم، وإن لم تعلموا ببواطنهم).
وفي التنزيل:
١ - قال تعالى: ﴿فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ﴾ [التوبة: ٥].
٢ - وقال تعالى: ﴿فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ﴾ [التوبة: ١١].
٣ - وقال تعالى: ﴿وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَلَا عُدْوَانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ﴾ [البقرة: ١٩٣].
ومن السنة الصحيحة في آفاق هذا المعنى:
الحديث الأول: أخرج البخاري عن أسامة بن زيد رضي الله عنهما قال: [بَعَثنا رسول الله - ﷺ - إلى الحُرقَةِ فَصَبَّحْنا القومَ فهَزَمْناهُم ولحِقْتُ أنا ورجُلٌ من الأنصار رجلًا منهم، فلما غشيناه قال: لا إله إلا الله، فَكَفَّ الأنصاريُّ فَطَعَنْتُهُ بِرُمْحي حتى قَتَلْتُهُ، فلما قَدِمْنا بَلَغَ النبي - ﷺ -، فقال: يا أسامة، أَقَتَلْتَهُ بعدما قال: لا إله إلا الله؟ قلت: كان متعوذًا، فما زال يكرِّرها حتى تمنَّيْتُ أني لم أكُنْ أسلمتُ قبل ذلك اليوم] (٢).
الحديث الثاني: أخرج البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: [لما تُوفي رسول الله - ﷺ -، وكان أبو بكر رضي الله عنه، وكفر من كفَرَ من العرب، فقال عمر: فكيف تقاتل الناس؟ وقد قال رسول الله - ﷺ -: أُمِرْتُ أن أقاتِلَ الناس حتى
(٢) حديث صحيح. أخرجه البخاري في الصحيح - حديث رقم - (٤٢٦٩) - كتاب المغازي -، وأخرجه أيضًا برقم (٦٨٧٢) - كتاب الديات -.