براءة، فأمر عليًا رضي الله عنه باللحاق بأبى بكر، وحمَّله صدر سورة براءة ليقرأها على الناس في الحج يوم النحر.
قال ابن إسحاق: (فنزلت براءة في نقض ما بين رسول الله - ﷺ - وبين المشركين من العهد الذي كانوا عليه، فخرج عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه على ناقة رسول الله - ﷺ - العضباء) (١).
قال ابن سعد: (فلما كان بالعَرْج، وابن عائذ يقول - بضَجْنَان - لحقه علي بن أبي طالب رضي الله عنه على العَضْباء، فلما رآه أبو بكر، قال: أمير أو مأمور؟ قال: لا بل مأمور، ثم مضيا).
وفي رواية: (فقال له أبو بكر: أستعملك رسول الله - ﷺ - على الحج؟ قال: لا، ولكن بعثني أقرأ براءة على الناس، وأنبذ إلى كل ذي عهد عهده) (٢).
وقد ذكر ابن إسحاق بإسناد حسن تفصيل هذا المشهد، من حديث محمد بن علي رضوان الله عليه أنه قال: (لما نزلت براءة على رسول الله - ﷺ -، وقد كان بعث أبا بكر الصديق ليقيم للناس الحج، قيل له: يا رسول الله لو بعثت بها إلى أبي بكر، فقال: لا يؤدي عني إلا رجل من أهل بيتي، ثم دعا عليّ بن أبي طالب رضوان الله عليه فقال له: اخرج بهذه القصة من صدر براءة، وأذّن في الناس يوم النحر إذا اجتمعوا بمنى، أنه لا يدخل الجنة كافر، ولا يحجّ بعد العام مشرك، ولا يطوف بالبيت عُريان، ومن كان له عند رسول الله - ﷺ - عهد فهو إلى مُدَّته، فخرج علي بن أبي طالب رضوان الله عليه على ناقة رسول الله - ﷺ - العَضْباء، حتى أدرك أبا بكرَ بالطريق، فلما رآه أبو بكر بالطريق قال: أأمير أم مأمور؟ فقال: بل مأمور، ثم مضيا.
فأقام أبو بكر للناس الحج، والعرب إذ ذاك في تلك السنة على منازلهم من الحج، التي كانوا عليها في الجاهلية، حتى إذا كان يوم النحر، قام علي بن أبي طالب رضي الله عنه، فأذّن في الناس بالذي أمره به رسول الله - ﷺ -، فقال: أيها الناس، إنه لا يدخل الجنة كافر، ولا يحج بعد العام مُشرك، ولا يطوف بالبيت عُريان، ومن كان له عند رسول الله - ﷺ - عَهدٌ فهو إلى مدته) (٣).

(١) انظر تفصيل حج أبي بكر بالناس في سيرة ابن هشام (٢/ ٥٤٣ - ٥٤٨)، والمرجع السابق.
(٢) انظر كامل تفاصيل ذلك الحج عند ابن سعد (٢/ ١٦٨ - ١٦٩)، وكتابي: السيرة النبوية (١٦٠٢).
(٣) حسن بشواهده. انظر سيرة ابن هشام (٢/ ٥٤٥ - ٥٤٦). وكتابي: السيرة النبوية (٣/ ١٦٠٤).


الصفحة التالية
Icon