والمحرم وصفر، وربيع الأول، وعشر من ربيع الآخر).
وقال ابن عباس: (حدّ الله للذين عاهدوا رسوله أربعة أشهر، يسيحون فيها حيثما شاؤوا، وحدّ أجل من ليس له عهد، انسلاخ الأشهر الحرم من يوم النحر إلى انسلاخ المحرم، فذلك خمسون ليلة. فإذا انسلخ الأشهر الحرم، أمره أن يضع السيف فيمن عاهد).
ثم قال جل ذكره: ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ وَأَنَّ اللَّهَ مُخْزِي الْكَافِرِينَ﴾.
قال ابن جرير: (قوله: ﴿غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ﴾، غير مُفِيتيه بأنفسكم، لأنكم حيث ذهبتم وأين كنتم من الأرض، ففي قبضته وسلطانه، لا يمنعكم منه وزيرٌ، ولا يحول بينكم وبينه إذا أرادكم بعذاب معقلٌ ولا موئل، إلا الإيمان به وبرسوله، والتوبة من معصيته.
يقول: فبادروا عقوبته بتوبة، ودعوا السياحة التي لا تنفعكم. وأما قوله: ﴿وَأَنَّ اللَّهَ مُخْزِي الْكَافِرِينَ﴾، يقول: واعلموا أن الله مُذِلُّ الكافرين، ومورثهم العارَ في الدنيا، والنار في الآخرة).
ثم قال سبحانه: ﴿وَأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ﴾.
المعنى: وإعلامٌ من الله ورسوله إلى الناس يوم النحر.
قال ابن زيد: (قوله: ﴿وَأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ﴾ قال: إعلام من الله ورسوله).
وقال ابن عباس: (الحج الأكبر يوم النحر).
وعن عبد الله بن أبي أوفى قال: (الحج الأكبر، يوم تُهرَاقُ فيه الدماء، ويحلق فيه الشعر، ويَحِلُّ فيه الحرام).
وقيل: بل هو يوم عرفة، ذكره عطاء ومجاهد، والصواب الأول وبه جاء الخبر الصحيح.
فقد أخرج البخاري في صحيحه عن أبي هريرة قال: (ويوم الحج الأكبر يوم النحر، وإنما قيل الأكبرُ من أجل قول الناس الحجُّ الأصغر) (١).