وفي التفاسير عن ابن جريج، عن عطاء، قال: (الحج الأكبر: الحج، والحج الأصغر: العمرة).
فيقال للعمرة (الحج الأصغر) لأن عملها أقل من عمل الحج، إذْ في أعمال الحج ما هو زيادة عليها.
وعن ابن إسحاق: (﴿أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ﴾، أي: بعد هذه الحجة).
وقوله: "ورَسُولُهُ" أي: ورسوله بريء من المشركين، فالخبر محذوف، وهي جملة معطوفة على ما قبلها.
ثم قال سبحانه: ﴿فَإِنْ تُبْتُمْ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ وَبَشِّرِ الَّذِينَ كَفَرُوا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ﴾.
والمعنى: أنكم إن تبتم أيها المشركون من كفركم ورجعتم إلى إفراد الله تعالى بالتعظيم والعبادة فهو خير لكم من الإقامة على الشرك سواء في الدنيا أو في الآخرة، وإن أعرضتم وأبيتم إلا دين الآباء وتقليدهم في عبادة الأوثان فأيقنوا أن الله سيأتي بكم لا محالة، ولا سبيل لكم أن تفلتوا من قبضته سبحانه، ثم الويل والوعيد الشديد يَنْتَظِرُكُم في صلي نيرانه.
ثم قال جل وعزَّ: ﴿إِلَّا الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنْقُصُوكُمْ شَيْئًا وَلَمْ يُظَاهِرُوا عَلَيْكُمْ أَحَدًا فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَى مُدَّتِهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ﴾.
قال قتادة: (هم مشركو قريش، الذين عاهدهم رسول الله - ﷺ - زمن الحديبية، وكان بقي من مدتهم أربعة أشهر بعد يوم النحر. فأمر الله نبيّه أن يوفِي لهم بعهدهم إلى مدتهم، ومن لا عهد له إلى انسلاخ المحرم، ونبذ إلى كل ذي عهد عهده، وأمر بقتالهم حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله، وأن لا يقبل منهم إلا ذلك).
ثم قال جل ذكره: ﴿فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾.
يقول جل ذكره: إذا انقضى المحرّم من الأشهر الحرم (ذو القعدة وذو الحجة والمحرم) عن الذين لا عهد لهم أو عمن كان لهم عهد فنقضوه بإعلانهم العداء