أي: استبدلوا بالقرآن متاع الدنيا، فاعتاضوا عن اتباع آيات الله بما التهموا به من أمور الدنيا الخسيسة، فمنعوا المؤمنين من اتباع الحق، وقد ساء منهجهم إذ استبدلوا بالحق عرضًا زائفًا، وكانوا عَثَرَةً في طريق الهدى وما يحيي قلوب الناس ويوصلها بالله عز وجل.
وقد حفلت السنة الصحيحة بكنوز من جوامع الكلم في ذلك:
الحديث الأول: أخرج الإمام أحمد في المسند، وأبو داود في السنن، بسند حسن، عن جابر بن عبد الله قال: خرج علينا رسول الله - ﷺ -، ونحن نقرأ القرآن، وفينا الأعرابي والعجمي، فقال: [اقرؤوا القرآن، وابتغوا به الله تعالى، من قبل أن يأتيَ قومٌ يقيمونَه إقامة القِدْحِ، يتعجَّلونَهُ ولا يتأجَّلونهُ].
وفي رواية: [اقرؤوا فكل حسن، وسيجيء أقوامٌ يقيمونه كما يقام القدح، يتعجلونه، ولا يتأجلونه] (١). والقِدْحُ: السهم قبل أن يُراش ويركب نصله، وقِدْحُ الميسر أيضًا.
الحديث الثاني: أخرج الإمام أحمد والطبراني بسند صحيح عن عبد الرحمن بن شبل الأنصاري أن معاوية قال له: إذا أتيت فسطاطي فقم فأخبر ما سمعت من رسول الله - ﷺ -، قال: سمعت رسول الله - ﷺ - يقول: [اقرؤوا القرآن، ولا تأكلوا به، ولا تستكثروا به، ولا تجفوا عنه، ولا تغلوا فيه] (٢).
وفي رواية: [اقرؤوا القرآن واعملوا به، ولا تجفُوا عنه، ولا تَغْلوا فيه، ولا تأكلوا به، ولا تستكثروا به].
الحديث الثالث: أخرج الإمام أحمد والطبراني والبيهقي بسند صحيح عن عمران بن حصين، أنه مرّ على قارئ يقرأ، ثم سأل، فاسترجع ثم قال: سمعت رسول الله - ﷺ - يقول: [من قرأ القرآن فليسأل الله به، فإنه سيجيء أقوام يقرؤون القرآن يسألون به الناس] (٣).

(١) حديث حسن. أخرجه أحمد (٣/ ٣٥٧)، (٣/ ٣٩٧)، وأبو داود (١/ ١٣٢)، وأخرجه ابن حبان في صحيحه (رقم - ١٨٧٦)، وانظر سلسلة الأحاديث الصحيحة - حديث (٢٥٩) -.
(٢) حديث صحيح. أخرجه أحمد في المسند (٣/ ٤٢٨)، (٣/ ٤٤٤)، والطبراني في "الأوسط" (١/ ١٤٢/ ٢)، ورواه الطبراني في "الكبير" أيضًا كما في "المجمع" (٤/ ٧٣)، وانظر صحيح الجامع الصغير - حديث رقم - (١١٧٩).
(٣) حديث صحيح. أخرجه أحمد (٤/ ٤٣٢ - ٤٣٣)، (٤/ ٤٣٩)، والترمذي (٤/ ٥٥)، وله شواهد =


الصفحة التالية
Icon