وقال الربيع: (﴿وَلِيجَةً﴾: دَخَلًا). وقال ابن زيد: (أبى أن يدعهم دون التمحيص).
وقال الحسن: (﴿وَلِيجَةً﴾، قال: هو الكفر والنفاق، أو قال أحدَهما).
والمعنى: هل حسبتم أن تتركوا بغير اختبار يتبين فيه صدق إيمانكم وصدق جهادكم عدو الله وعدوكم، وصدق ولائكم لله تعالى ولرسوله وللمؤمنين، وتبرئكم من تقريب المشركين.
قال ابن جرير: (نهى الله المؤمنين أن يتخذوا من عدوهم من المشركين أولياء، يفشون إليهم أسرارهم).
وفي التنزيل:
١ - قال تعالى: ﴿أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ (١٤٢)﴾ [آل عمران: ١٤٢].
٢ - وقال تعالى: ﴿الم (١) أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ (٢) وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ﴾ [العنكبوت: ١ - ٣].
٣ - وقال تعالى: ﴿مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ﴾ [آل عمران: ١٧٩].
وقوله: ﴿وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ﴾. أي: يعلم أعمالكم وأحلافكم ومَنْ توالون ومَنْ تُعادون، ثم هو سبحانه مجازيكم بأعمالكم إنْ خيرًا فخير، وإنْ شرًا فشر.
وقوله تعالى: ﴿مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَسَاجِدَ اللَّهِ شَاهِدِينَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ أُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ وَفِي النَّارِ هُمْ خَالِدُونَ﴾.
أي: ما ينبغي للمشركين إعمار مساجد الله التي أسست على التقوى وعبادة الله وحده لا شريك له.
قال القاسمي: ﴿مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ﴾، أي: ما صحَّ لهم وما استقام ﴿أَنْ يَعْمُرُوا مَسَاجِدَ اللَّهِ﴾، أي: التي بنيت على اسمه وحده لا شريك له، أي يعمروا شيئًا منها، فهو جمع مضاف في سياق النفي، ويدخل فيه المسجد الحرام دخولًا أوليًا، إذ نفيُ الجمع يدل على النفي عن كل فرد، فيلزم نفيه عن الفرد المعين بطريق الكناية.
وقرئ ﴿مسجد الله﴾ بالتوحيد، تصريحًا بالمقصود، وهو المسجد الحرام،