وقوله تعالى: ﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِنْدَ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ﴾.
المعنى: الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل الله أعظم درجة من الذين افتخروا بالسقي والعمارة، فإن الفوز يوم القيامة لا يكون إلا على منهاج النبوة، لا في أعراف وتقاليد الجاهلية وما كان غايته الرياء والسمعة والشهرة.
وقوله تعالى: ﴿يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُمْ بِرَحْمَةٍ مِنْهُ وَرِضْوَانٍ وَجَنَّاتٍ لَهُمْ فِيهَا نَعِيمٌ مُقِيمٌ (٢١) خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ﴾.
أي: يعلمهم ربهم سبحانه بكريم ثوابه عليهم وجزيل رحمته بهم ورضوانه الذي هو أكبر من كل شيء، وأجل نعمة في هذا الوجود في الدنيا والآخرة، ثم يتوِّج كرمه عليهم بالخلوة في دار السعادة في جنات النعيم.
أخرج ابن حبان في صحيحه، والحاكم في مستدركه، بسند صحيح على شرط الشيخين، عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله - ﷺ -: [إذا دخل أهل الجنة الجنة، يقول الله عز وجل: هل تشتهون شيئًا فأزيدكم؟ فيقولون: ربنا وما فوق ما أعطيتنا؟ قال: فيقول: رضواني أكبر] (١).
٢٣ - ٢٤. قوله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا آبَاءَكُمْ وَإِخْوَانَكُمْ أَوْلِيَاءَ إِنِ اسْتَحَبُّوا الْكُفْرَ عَلَى الْإِيمَانِ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (٢٣) قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ (٢٤)﴾.
في هذه الآيات: نَهْيُ الله المؤمنين عن اتخاذ الآباء والإخوان أولياء إن رضوا بالكفر