وقدموه على الإيمان، ومن يفعل ذلك فأولئك هم الظالمون.
قل - يا محمد - لأصحابك متوعدًا: إن كنتم آثرتم الأهل والقرابة: من أب أو ابن أو أخ أو زوجة أو عشيرة، أو المال والتجارة والمسكن وغير ذلك من متاع هذه الدنيا الفانية على محبة الله ورسوله والجهاد في سبيل الله فترقبوا حلول نقمة الله بكم، والله لا يهدي من يؤثر هواه ودنياه، على إعلاء كلمة الله ورضاه.
فقوله: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا آبَاءَكُمْ وَإِخْوَانَكُمْ أَوْلِيَاءَ إِنِ اسْتَحَبُّوا الْكُفْرَ عَلَى الْإِيمَانِ﴾.
نهي عن موالاة الكفار، أبناء كانوا أو إخوانًا أو آباء، فإن الولاء والبراء جزء من منهج الإيمان عند المؤمنين.
وقد تألق في ذلك عبد الله ابن المنافق ابن سلول حين سجّل آنذاك رقمًا عالميًا في الولاء والبراء، ومفهوم الحب والبغض في الله، وقد وقف على باب المدينة يمنع أباه من دخولها، واستل سيفه مهددًا والده رأس النفاق - الذي أشعل حادثة الإفك وكثيرًا من الفتن بين المسلمين - أن لا يدخلها إلا بإذن من رسول الله - ﷺ -.
روى ذلك الإمام الترمذي بسند حسن عن جابر، قال: [فقال له ابنُهُ عبد الله بن عبد الله: والله لا تَنْقَلِب حتى تُقِرَّ أنك الذليل ورسولُ الله - ﷺ - العزيز ففعل] (١).
وفي التنزيل:
١ - قال تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ قَدْ يَئِسُوا مِنَ الْآخِرَةِ كَمَا يَئِسَ الْكُفَّارُ مِنْ أَصْحَابِ الْقُبُورِ﴾ [الممتحنة: ١٣].
٢ - وقال تعالى: ﴿لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ﴾ [المجادلة: ٢٢].
وفي الصحيحين والمسند عن أنس، عن النبي - ﷺ - قال: [ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان: أن يكونَ اللهُ ورسولُهُ أحبَّ إليه مما سواهما، وأن يحب المرءَ لا يحبه إلا لله، وأن يكره أن يعود في الكفر بعد إذ أنقذه الله منه كما يكره أن يُلقى في النار] (٢).
فنهى الله تعالى المؤمنين عن موادة ونصرة وتأييد الكفار، ولو كانوا إخوانًا أو أبناء
(٢) حديث صحيح. أخرجه البخاري (٢١) - كتاب الإيمان -، وأخرجه مسلم (٤٣) - كتاب الإيمان -.