الحلال، وما أمروا إلا بافراد الله تعالى في التعظيم والعبادة والتشريع، سبحانه وتعالى عما يشركون.
إنما يريد المشركون تكذيب الحق والاستهزاء بالوحي ومنهاج الرسل، وهم بذلك كمن يحاول إطفاء نور الشمس بنفخه، والله يأبى إلّا أن يبهر إشعاع شرعه ودينه أرجاء المعمورة.
إنه هو الذي أرسل رسوله بهدي الوحي ونور النبوة ليعلن منهاجه ويرفعه فوق كل مناهج الأرض ولو كره المشركون.
فقوله: ﴿وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ﴾.
قال القرطبي: (هذا لفظ خرج على العموم ومعناه الخصوص، لأن ليس كل اليهود قالوا ذلك).
وقد رُوي أن سبب ذلك القول أن الله تعالى رفع التوراة ومحاها من قلوب اليهود حين قتلوا الأنبياء بعد موسى عليه السلام، فخرج عُزير يسيح في الأرض، فأتاه جبريل فقال: "أين تذهب"؟ قال: أطلب العلم، فعلمه التوراة كلها، فجاء عزير بالتوراة إلى بني إسرائيل فعلمهم.
وقيل بل حفّظها الله عزيرًا كرامة منه له، فقال لبني إسرائيل: إن الله قد حفظني التوراة، فجعلوا يدرسونها من عنده.
وكانت التوراة مدفونة، كان دفنها علماؤهم حين أصابهم من الفتن والجلاء والمرض ما أصاب، وقتْل بُخْتَنَصَّر إياهم.
ثم إن التوراة المدفونة وُجدت مطابقة لما كان عُزير يدرس، فهنالك ضلوا حين زعموا أن هذا لما يتهيأ لعزير إلا وهو ابن الله - حكاه ابن جرير.
وقرأها قراء المدينة وبعض قراءة الكوفة ومكة دون تنوين: "عزيرُ ابن الله"، والقراءة بالتنوين أشهر. و"عزير" ينصرف عجميًا كان أو عربيًا. وأصله "عزراء" - لفظة عبرانية - بمعنى: (معين)، أو أصله "عزريا" - بمعنى الله مساعد.
وقوله: ﴿وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ﴾، الظاهر أنهم أرادوا بنوّة النَّسل، كما قالت العرب في الملائكة. وهذا أشنع الكفر.
قال أبو المعالي: (أطبقت النصارى على أن المسيح إله وأنه ابن إله).


الصفحة التالية
Icon