الإِسلام على منهج الوحيين: القرآن والسنة المحمدية العطرة.
قال ابن عباس: (قوله: ﴿لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ﴾، قال: ليظهر الله نبيّه على أمر الدين كله، فيعطيه إيّاه كله، ولا يخفى عليه منه شيء. وكان المشركون واليهود يكرهون ذلك).
قال ابن جرير: (﴿الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ﴾ محمدًا - ﷺ -، ﴿بِالْهُدَى﴾، يعني: ببيان فرائض الله على خلقه، وجميع اللازم لهم، وبدين الحق، وهو الإِسلام، ﴿لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ﴾، يقول: ليعلي الإِسلام على الملل كلها، ﴿وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ﴾، بالله ظهوره عليها).
وقد حفلت السنة الصحيحة بآفاق هذا التمكين والانتشار والظهور، في أحاديث:
الحديث الأول: أخرج الإمام مسلم في صحيحه عن ثوبان، قال: قال رسول الله - ﷺ -: [إنَّ الله زوى ليَ الأرض، فرأيت مشارِقَها ومغارِبَها، وإن أمتي سَيَبْلُغُ مُلْكُها ما زُوِيَ لي منها] (١).
الحديث الثاني: أخرج الإمام أحمد في المسند بسند صحيح عن تميم الداري رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله - ﷺ - يقول: [ليبلغَنَّ هذا الأمرُ ما بَلَغَ الليلُ والنهار، ولا يترك الله بيت مَدَر ولا وَبَر إلا أدخله (الله) هذا الدين، بعِزِّ عزيز، أو بِذُلِّ ذليل، عِزًّا يعزّ الله به الإِسلام، وذُلًا يدُّل الله به الكفر].
فكان تميم الداري يقول: (قد عرفت ذلك في أهل بيتي، لقد أصاب من أسلم منهم الخيرَ والشرفَ والعزّ، ولقد أصاب من كان منهم كافرًا الذلَّ والصِّغار والجزيةَ) (٢).
الحديث الثالث: أخرج البخاري في صحيحه عن خَبَّابِ بن الأرتِّ قال: [شكونا إلى رسول الله - ﷺ - وهو متوسِّدٌ بُرْدَةً له في ظل الكعبة، قلنا لَه: ألا تَسْتَنْصِرُ لنا؟ ألا تدعو الله لنا؟ قال: كان الرجل فيمن قبلكم يُحْفَرُ له في الأرض، فَيُجْعَلُ فيه، فَيُجَاءُ
(٢) حديث صحيح. أخرجه أحمد في المسند (٤/ ١٠٣)، والطبراني (١٢٨٠)، وقال الهيثمي في "المجمع" (٦/ ١٤): ورجاله رجال الصحيح. ورواه ابن حبان في صحيحه (١٦٣١ - ١٦٣٢). وانظر سلسلة الأحاديث الصحيحة - حديث رقم - (٣).