ففي صحيح مسلم من حديث أنس بن مالك: (أنه خرج إلى هوازن في شوال، فلما كسرهم واستفاء أموالهم، ورجع فَلّهُم فلجؤوا إلى الطائف - عَمدَ إلى الطائف فحاصرها أربعين يومًا، وانصرف ولم يفتتحها) (١).
٢ - دخل رسول الله - ﷺ - مكة فاتحًا في شهر رمضان.
فقد أخرج البخاري في صحيحه عن عبيد الله أن ابن عباس رضي الله عنهما قال: [صام رسول الله - ﷺ - حتى إذا بلغ الكَديد الماءَ الذي بين قُدَيْدٍ وعُسْفان أفطر، فلم يزل مفطرًا حتى انسلخ الشهر] (٢).
وفي رواية، قال ابن عباس: [سافر رسول الله - ﷺ - في رمضان فصام حتى بلغ عُسْفان، ثم دعا بإناء من ماء فشرب نهارًا ليُرِيَهُ الناس فأفطر حتى قدم مكة].
٣ - أعلن - ﷺ - يوم الفتح أنه: "لا يحل لأحد أن يسفك بها دمًا"، وأذن بِقَتْلِ مَنْ قتَلَ في الحرم.
فقد أخرج الإمام أحمد بسند صحيح عن ابن عباس قال: [مَنْ سَرَقَ أو قتَلَ في الحِلِّ ثم دخل الحرم، فإنه لا يُجَالَسُ ولا يُكَلَّمُ، ولا يُؤوى، ولكنه يُناشَدُ حتى يخْرُجَ، فيؤخَذَ، فيقامَ عليه الحدُّ، وإن سَرَقَ أو قَتَل في الحرم أقيم عليه في الحرم] (٣).
وبنحوه روى الأثرم عن ابن عباس قال: [مَنْ أحْدَثَ حَدَثًا في الحرم، أُقيم عليه ما أحدث فيه من شيء].
وقوله: ﴿إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُحِلُّونَهُ عَامًا وَيُحَرِّمُونَهُ عَامًا لِيُوَاطِئُوا عِدَّةَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ﴾.
تقريع وذمٌّ لتصرفِ المشركين في التعامل بأهوائهم مع حرمات الله، إذ أحدثوا قبل الإِسلام بمدّة تحليلَ المحرم وتأخيره إلى صفر، ليقضوا بذلك أوطارهم من قتال أعدائهم.
قال ابن عباس: (النسيء أنَّ جُنادة بن عوف بن أمية الكناني، كان يوافي الموسم في كل عام، وكان يُكنى أبا ثُمامَةَ، فينادي: ألا إن أبا ثمامة لا يُحاب ولا يُعاب، ألا

(١) صحيح. أخرجه مسلم (١٠٥٩) ح (١٣٦)، وانظر كتابي: السيرة النبوية (٣/ ١٣٩٠ - ١٣٩٣).
(٢) حديث صحيح. انظر صحيح البخاري (٥/ ١٨٥)، وفتح الباري (٤/ ١٨٠ - ١٨١).
(٣) إسناده صحيح. انظر تخريج أحاديث زاد المعاد (٣/ ٤٤٧). وكتابي: السيرة النبوية (١٣١٢).


الصفحة التالية
Icon