وإن صفر العام الأول العامَ حلال. فيحله للناس، فيحرم صفرًا عامًا، ويحرم المحرم عامًا، فذلك قول الله: ﴿إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ﴾ إلى قوله: ﴿الْكَافِرِينَ﴾).
وقال مجاهد: (﴿لِيُوَاطِئُوا عِدَّةَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ﴾: يعني الأربعة، ﴿فَيُحِلُّوا مَا حَرَّمَ اللَّهُ﴾، لتأخير هذا الشهر الحرام).
وقال ابن إسحاق في السيرة: (كان أوَّل من نسأ الشهورَ على العرب، فأحَلَّ منها ما حرَّم الله، وحرَّم منها ما أحَلَّ الله عز وجل القَلَمَّسُ، وهو: حُذيفة بن عَبْدِ بن فُقيم بن عدي بن عامر بن ثعلبة بن الحارث بن مالك بن كنانة بن خُزيمة بن مُدْركة بن إلياس بن مُضَر بن نزار بن مَعد بن عدنان، ثم قام بعده على ذلك ابنه عَبّاد، ثم من بعد عباد ابنه. قَلَعُ بن عباد، ثم ابنه أمية بن قلع، ثم ابنه: عوف بن أمية، ثم ابنه أبو ثمامة جُنَادة بن عوف، وكان آخِرَهم، وعليه قام الإِسلامُ.
فكانت العرب إذا فرغت من حَجِّها اجتمعت إليه، فقام فيهم خطيبًا، فحرَّم: رجبًا، وذا القعدة، وذا الحجة، ويحل المحرم عامًا، ويجعل مكانه صَفَر، ويحرمه عامًا ليواطئ عدة ما حرّم الله، فيُحلّ ما حرم الله، يعني: ويحرم ما أحل الله، والله أعلم).
وقوله: ﴿زُيِّنَ لَهُمْ سُوءُ أَعْمَالِهِمْ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ﴾.
قال ابن جرير: (يقول: حُسِّنَ لهم وحُبِّبَ إليهم سَيِّئ أعمالهم وقبيحها، وما خولف به أمر الله وطاعته. قال: والله لا يوفق لمحاسن الأفعال وجميلها، وما لله فيه رضىً، القوم الجاحدين توحيده، والمنكرين نبوة محمد - ﷺ -، ولكنه يخذّلهم عن الهُدى، كما خذَّل هؤلاء الناس عن الأشهر الحرم). ٣٨ - ٣٩. قوله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ (٣٨) إِلَّا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلَا تَضُرُّوهُ شَيْئًا وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٣٩)﴾.
في هذه الآيات: يعيب الله تعالى على المؤمنين الاستئناس بالديار، والركون إلى الظلال، عند النفير إلى الجهاد، وقتال الأعداء، فهل رضيتم - أيها المؤمنون - بحظ