ويعيبونه ويزعمون أنه أذن سامعة يسمع من كل أحد ويصدقه ويقبل منه، فكذبهم الله وأخبر أن نبيّه - ﷺ - أذن خير لا أذن شر، فهو يسمع ولا يقبل إلا من المؤمنين، فيؤمن بالله ويصدق المؤمنين، وقد جعله الله رحمة لمن صدقه واتبعه، وقد توعد الله المنافقين على إيذائهم رسول الله - ﷺ - وتكذيبهم العذاب الأليم.
إنهم - معشر المؤمنين - يتكلمون بالمطاعن ويتخلفون عن الجهاد - أي المنافقون- ثم يعتذرون إليكم لترضوا عنهم والله ورسوله أحق بذلك لو كانوا مؤمنين.
ألم يعلموا سوء عاقبة مخالفة الله ورسوله أنه العذاب الموجع في نار جهنم وذلك الخزي العظيم.
يحذر المنافقون نزول سورة أو آية من القرآن تفضح ما في قلوبهم وتكشف سرائرهم أمام المؤمنين، فقال الله لهم: ﴿قُلِ اسْتَهْزِئُوا﴾ فإن الله سيفضح أمركم ويكشف بواطنكم ويطلع المؤمنين على ما في قلوبكم، فإن هذه السورة هي "الفاضحة".
فقوله: ﴿وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ﴾.
قال مجاهد: (نقول ما شئنا، ثم نحلف له فيصدقنا).
قال ابن كثير: (يقول تعالى: ومن المنافقين قومٌ يؤذون رسول الله - ﷺ - بالكلام فيه ويقولون: ﴿هُوَ أُذُنٌ﴾، أي: من قال له شيئًا صَدَّقه، ومن حدّثه فينا صدقه، فإذا جئنا وحلفنا له صدقنا. روي معناه عن ابن عباس، ومجاهد وقتادة).
وقوله: ﴿قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَكُمْ﴾.
قال ابن جرير: (يعني: قل هو أذن خير لكم، لا أذن شرّ).
وقوله: ﴿يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ﴾. قال ابن عباس: (يعني: يؤمن بالله، ويصدق المؤمنين).
وقوله: ﴿وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ﴾.
أي جعله الله رحمة لمن آمن به وتابعه وصدقه.
وقوله: ﴿وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾، توعد لهؤلاء المنافقين سوء العذاب مقابل إيذائهم رسول الله - ﷺ - وبسطهم القول فيه بالعيب والتنقص.
وقوله تعالى: ﴿يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ لِيُرْضُوكُمْ وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ إِنْ كَانُوا مُؤْمِنِينَ﴾.