النفوس تنعم برجائه، وفضلهُ تعالى زعيمٌ بالإنجاز).
وقوله: ﴿إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾. قال ابن كثير: (أي ﴿عَزِيزٌ﴾ من أطاعه أعزّه، فإن العزة لله ولرسوله وللمؤمنين، ﴿حَكِيمٌ﴾ في قسمته هذه الصفات لهؤلاء، وتخصيصه المنافقين بصفاتهم المتقدمة، فإن له الحكمة في جميع ما يفعله، تبارك وتعالى).
وقوله: ﴿وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ﴾.
أي: وعد الله الذين صدقوا الإيمان بالله ورسوله بساتين إقامة تجري تحت أشجارها الأنهار، لا يزولون عنها، وفيها مساكن طيبة هي منازل المؤمنين يسكنونها، حسنة البناء، طيبة القرار، قصور وغرف، في جنات عدن.
وقد حفلت السنة الصحيحة بآفاق هذا المعنى في أحاديث:
الحديث الأول: أخرج البخاري ومسلم عن أبي بكر بن عبد الله بن قيس، عن أبيه: أن رسول الله - ﷺ - قال: [جنّتان من فِضة آنيتُهما وما فيهما، وجنّتان من ذَهَبٍ آنيتُهما وما فيهما، وما بين القومِ وبين أن ينظروا إلى ربهم إلا رداءُ الكِبْرِ على وجهه في جنة عدن] (١).
الحديث الثاني: أخرج البخاري في صحيحه من حديث أبي عِمْران الجَوْنيّ عن أبي بكر بن عبد الله بن قيس عن أبيه: أن رسول الله - ﷺ - قال: [إن في الجنة خَيْمَةً مِنْ لُؤلؤةٍ مُجَوَّفة، عرضُها سِتُّون مِيلًا، في كل زاويةٍ منها أهل ما يَرَوْنَ الآخرين، يطوف عليهم المؤمنون] (٢).
الحديث الثالث: أخرج الشيخان عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - ﷺ -: [من آمن بالله ورسوله وأقام الصلاة وصامَ رمضان، فإن حقًا على الله أن يدخِلَهُ الجنة، هاجر في سبيل الله، أو جَلَسَ في أرضه التي ولد فيها. قالوا: يا رسول الله، أفلا نُخْبِرُ الناس؟ قال: إن في الجنة مئة درجة، أعدَّها الله للمجاهدين في سبيله، بين
(٢) حديث صحيح. أخرجه البخاري في الصحيح - حديث رقم - (٤٨٧٩) - كتاب التفسير - من حديث عبد الله بن قيس، وأخرجه مسلم أيضًا - حديث رقم - (١٨٠).