قال: أرادوا أن يُنَفّرُوا برسول الله - ﷺ - راحلته فيطرحوه] (١).
الحديث الثاني: أخرج الإمام مسلم في صحيحه عن أبي الطفيل قال: [كان بين رجل من أهل العقبة وبين حذيفة بعض ما يكون بين الناس، فقال: أنشدك بالله كم كان أصحاب العقبة؟ قال: فقال له القوم أخبره إذ سألك، فقال: كنا نخبر أنهم أربعة عشر، فإن كنت منهم، فقد كان القوم خمسة عشر، وأشهد بالله أن اثني عشر منهم حرب لله ولرسوله في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد، وعذر ثلاثة. قالوا: ما سمعنا منادي رسول الله - ﷺ -، ولا علمنا بما أراد القوم، وقد كان في حرَّة فمشى فقال: إن الماء قليل، فلا يسبقني إليه أحد، فوجد قومًا قد سبقوه، فلعنهم يومئذ] (٢).
وقوله: ﴿وَمَا نَقَمُوا إِلَّا أَنْ أَغْنَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ﴾. قال ابن كثير: (أي: وما للرسول عندهم ذنبٌ إلا أن الله أغناهم ببركته ويُمْن سِفارته، ولو تمت عليهم السعادة لهداهم الله لما جاء به).
وقوله: ﴿فَإِنْ يَتُوبُوا يَكُ خَيْرًا لَهُمْ وَإِنْ يَتَوَلَّوْا يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ عَذَابًا أَلِيمًا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ﴾.
أي: هذا باب التوبة قد فتحه الله لهم ودعاهم إليه فإن يستعتبوا كان خيرًا لهم، وإن يصروا ويستمروا على طريقهم نالهم عذاب في الدنيا بالقتل والهم والغم، وعذاب في الآخرة بالجحيم والهوان والصَّغار. ﴿وَمَا لَهُمْ فِي الْأَرْضِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ﴾، أي: وليس لهم في الأرض من يُنْجِدُهم أو يَدْفَعُ عنهم ما كتبَ الله عليهم من الخزي والهلاك.
٧٥ - ٧٨. قوله تعالى: {وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ (٧٥) فَلَمَّا آتَاهُمْ مِنْ فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ وَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ (٧٦) فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُوا اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا

(١) حديث صحيح. أخرجه أحمد في المسند (٥/ ٤٥٣ - ٤٥٤) من حديث أبي الطفيل، وقال الهيثمي في "المجمع" (٦/ ١٩٥): رجاله ثقات.
(٢) حديث صحيح. رواه مسلم في الصحيح (٢٧٩/ ١١) - كتاب صفات المنافقين وأحكامهم -. وانظر تفصيل البحث في كتابي: السيرة النبوية على منهج الوحيين: القرآن والسنة الصحيحة (٣/ ١٥٣٤ - ١٥٣٦).


الصفحة التالية
Icon