الاعتذار لرسول الله - ﷺ - بترك الجهاد لضعف أو عجز، وقعود المنافقين فلم يجيئوا ولم يعتذروا ليظهر كذبهم، وقد توعدهم الله بالقتل والخزي في الدنيا وبالعذاب الأليم في الآخرة.
إنه لا حرج على الضعفاء والمرضى وكذلك من عجز بالمال عن الخروج للجهاد إذا قعدوا ونصحوا حال قُعودِهم فلم يُثَبِّطوا أحدًا بل أحسنوا النصيحة والله غفور رحيم.
وكذلك لا سبيل - يا محمد - على النفر الذين جاؤوك صادقين يريدون الخروج وليس لديك ما تحملهم عليه، فتولوا وهم يبكون أن لا سبيل للحملان والخروج.
إنما العتاب والعقاب على الأغنياء المتخلفين، الذين ختم الله على قلوبهم في المنافقين، فهم لا يعلمون سوء عاقبتهم.
فقوله: ﴿وَجَاءَ الْمُعَذِّرُونَ مِنَ الْأَعْرَابِ لِيُؤْذَنَ لَهُمْ﴾.
هم أهل الأعذار بترك الجهاد لعجز أو ضعف.
قال الضحاك: (كان ابن عباس يقرأ: ﴿وَجَاءَ الْمُعَذِّرُونَ﴾، مخففة، ويقول: هم أهل العذر).
وقال مجاهد: (نفر من بني غفار، جاؤوا فاعتذروا، فلم يُعْذِرْهم الله).
والمقصود: محاولة نفر من أحياء العرب حول المدينة الاعتذار إلى رسول الله - ﷺ - بترك الجهاد لضعف أو عدم قدرة على الخروج. ولفظ ﴿الْمُعَذِّرُونَ﴾ من عذّر في الأمر إذا قصر فيه وتوانى، فهو يوهم أن له عذرًا، أو من لفظ: (المعتذرون) بإدغام التاء في الذال.
وقوله: ﴿وَقَعَدَ الَّذِينَ كَذَبُوا اللَّهَ وَرَسُولَه﴾.
قال النسفي: (هم منافقو الأعراب الذين لم يجيئوا ولم يعتذروا فظهر بذلك أنهم كذبوا الله ورسوله في ادعائهم الإيمان).
وقوله: ﴿سَيُصِيبُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيم﴾. توعُّدٌ لهم بعذاب أليم إما بالقتل والخزي في الدنيا أو بالنار في الآخرة.
وقوله: ﴿لَيْسَ عَلَى الضُّعَفَاءِ وَلَا عَلَى الْمَرْضَى وَلَا عَلَى الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ مَا يُنْفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ﴾.
هذه الآية نص في إعذار الضعفاء والمرضى، كأرباب الزمانة والهرم والعمى