والعرج، وكذلك من عجز عن الخروج للجهاد من جهة المال.
قال القرطبي: (قوله تعالى: ﴿لَيْسَ عَلَى الضُّعَفَاءِ﴾ الآية. أصل في سقوط التكليف عن العاجز، فكل من عجز عن شيء سقط عنه، فتارة إلى بدل هو فعل، وتارة إلى بدل هو غرم، ولا فرق بين العجز من جهة القوة أو العجز من جهة المال).
وفي التنزيل:
١ - قال تعالى: ﴿لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْمَرِيض حَرَجٌ﴾ [النور: ٦١].
٢ - وقال تعالى: ﴿لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا﴾ [البقرة: ٢٨٦].
وفي السنة العطرة من آفاق هذا المعنى في أحاديث:
الحديث الأول: أخرج البخاري وأبو داود وابن ماجه من حديث أنس رضي الله عنه: [أن النبي - ﷺ -كان في غَزاةٍ، فقال: إن أقوامًا بالمدينة خَلْفَنا ما سَلكْنا شِعْبًا ولا وادِيًا إلا وهُمْ معنا فيه، حَبَسَهُم العُذْر] (١).
الحديث الثاني: أخرج ابن هشام في السيرة عن ابن إسحاق بسند رجاله ثقات قال: حدثني أبي إسحاق بن يَسار، عن أشياخ من بني سلمة: [أن عمرو بن الجموح كان رجلًا أعْرَج شديد العَرَج، وكان له بنون أربعة مثل الأُسْد، يشهدون مع رسول الله - ﷺ - المشاهد، فلما كان يوم أحد أرادوا حَبْسَه، وقالوا له: إن الله عز وجل: قد عذرك، فأتى رسول الله - ﷺ -، فقال: إن بنيّ يريدون أن يحبسوني عن هذا الوجه، والخُروج معك فيه، فوالله إني لأرجو أن أطأ بِعَرْجتي هذه في الجنة، فقال رسول الله - ﷺ -: أما أنتَ فقد عَذَرك الله فلا جهادَ عليكَ، وقال لبنيه: ما عليكم أن لا تمنعوه، لعلّ الله أن يرزقه الشهادة، فخرج معه فَقُتِلَ يوم أحد] (٢).
وله شاهد في مسند الإمام أحمد بسند حسن من حديث أبي قتادة، رضي الله عنه، وكان شاهد عيان، قال: [أتى عمرو بن الجموح إلى رسول الله - ﷺ -، فقال: يا رسول الله أرأيت إن قاتلت في سبيل الله حتى أقتل أمشي برجلي هذه صحيحة في
(٢) انظر سيرة ابن هشام (٢/ ٩٠ - ٩١) وسنده حسن إن كان أشياخ بني سلمة من الصحابة، وإلا فهو مرسل ورجاله ثقات. وانظر كتابي: السيرة النبوية على منهج الوحيين (٢/ ٦٩٦ - ٦٩٧).