الجنة؟ وكانت رجله عرجاء، فقال رسول الله - ﷺ -: نعم، فقتلوا يوم أحد هو وابن أخيه ومولى لهم، فمرّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم-، فقال: كأني أنظر إليك تمشي برجلك هذه صحيحة في الجنة. فأمر رسول الله - ﷺ - بهما وبمولاهما، فجعلوا في قبر واحد] (١).
قال النسفي: (﴿إِذَا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ﴾ بأن آمنوا في السر والعلن وأطاعوا كما يفعل الناصح بصاحبه).
وقال ابن كثير: (فليس على هؤلاء حَرَجٌ إذا قَعَدُوا ونَصَحُوا في حال قعودهم، ولم يُرْجفوا بالناس، ولم يُثَبِّطوهم، وهم محسنون في حالهم هذا، ولهذا قال: ﴿مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾).
والنصح هو إخلاص العمل من الغش. قال الرازي: (والناصح: الخالص من كل شيء. قال: ورجل ناصح الجَيْب أي نقيّ الثوب. ومنه التوبة النصوح وهي الصادقة).
وفي صحيح مسلم عن تميم الداري: [أن النبي - ﷺ - قال: "الدين النصيحة". قلنا: لِمَنْ؟ قال: للهِ وَلِكتابِه ولِرَسُوله ولأئمة المسلمين وعامَّتِهم] (٢).
قال العلماء: (النصيحة لله إخلاص الاعتقاد في الوحدانية، ووصفُه بصفات الألوهية، وتنزيهه عن النقائص والرغبة في مَحابّه والبعد من مساخطه. والنصيحة لرسوله: التصديق بنبوّته، والتزام طاعته في أمره ونهيه، وموالاة من والاه ومعاداة من عاداه، وتوقيره، ومحبته ومحبة آل بيته، وتعظيمه وتعظيم سنته، وإحياؤها بعد موته بالبحث عنها، والتفقّه فيها والذبّ عنها ونشرها والدعاء إليها، والتخلّق بأخلاقه الكريمة - ﷺ -.
وكذا النصح لكتاب الله: قراءته والتفقه فيه، والذب عنه وتعليمه وإكرامه والتخلق به. والنصح لأئمة المسلمين: ترك الخروج عليهم، وإرشادهم إلى الحق وتنبيههم فيما أغفلوه من أمور المسلمين، ولزوم طاعتهم والقيام بواجب حقهم. والنصح للعامة: ترك معاداتهم، وإرشادُهم وحب الصالحين منهم، والدعاء لجميعهم وإرادة الخير لكافتهم).
(٢) حديث صحيح. أخرجه مسلم (٥٥) - كتاب الإيمان - باب بيان أن الدين النصيحة. وأخرجه أبو داود (٤٩٤٤)، والنسائي (٧/ ١٥٦ - ١٥٧)، وابن حبان (٤٥٧٥)، وأحمد (٤/ ١٠٢).