الْأَعْرَابِ مَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَيَتَّخِذُ مَا يُنْفِقُ قُرُبَاتٍ عِنْدَ اللَّهِ وَصَلَوَاتِ الرَّسُولِ أَلَا إِنَّهَا قُرْبَةٌ لَهُمْ سَيُدْخِلُهُمُ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٩٩)}.
في هذه الآيات: إخبار الله تعالى عن الأعراب الجفاة أنهم أشد كفرًا ونفاقًا وجهلًا في الدين. ومنهم طائفة يعيشون على المكر في المؤمنين ويترقبون الدائرة لتكون عليهم، والله سيوقعهم في سوء أعمالهم وهو السميع العليم. ومن الأعراب مؤمنون صادقون متصدقون، سيدخلهم الله في رحمته، والله غفور رحيم.
فقوله: ﴿الْأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْرًا وَنِفَاقًا﴾
قال ابن جرير: (يقول تعالى ذكره: الأعراب أشد جحودًا لتوحيد الله، وأشدّ نفاقًا من أهل الحضر في القرى والأمصار. وإنما وصفهم جل ثناؤه بذلك، لجفائهم، وقسوة قلوبهم، وقلة مشاهدتهم لأهل الخير، فهم لذلك أقسى قلوبًا، وأقلُّ علمًا بحقوق الله).
وفي مسند أحمد وسنن النسائي بسند صحيح عن ابن عباس، عن النبي - ﷺ - قال: [من سَكَنَ البادية جفا، ومن اتبع الصيد غَفَل، ومن أتى السلطان افتُتِن] (١).
وله شاهد في المسند بسند حسن من حديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعًا: [مَنْ بدا جفا، ومن اتبع الصيد غَفَل، ومن أتى أبواب السلطان افتتن، وما ازداد أحدٌ من السلطان قُربًا إلا ازداد من الله بُعْدًا] (٢).
وفي لفظ من حديث البراء رضي الله عنه مرفوعًا: [من بدا جفا].
وقوله: ﴿وَأَجْدَرُ أَلَّا يَعْلَمُوا حُدُودَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ﴾.
قال قتادة: (هم أقل علمًا بالسنن).
يروي ابن جرير بسنده عن الأعمش، عن إبراهيم قال: (جلس أعرابي إلى زيد بن صَوْحان وهو يحدث أصحابه، وكانت يده قد أصيبت يوم نهاوَنْد، فقال: والله إنّ حديثك ليعجبني، وإن يدك لَتُريبُني! فقال زيد: وما يريبُك من يدي؟ إنها الشمال!
(٢) حديث حسن. أخرجه أحمد (٢/ ٣٧١)، (٢/ ٤٠٠)، (٤/ ٢٩٧)، وانظر الصحيحة (١٢٧٢).