وقوله: ﴿وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ﴾. قال ابن جرير: (يقول: والذين سلكوا سبيلهم في الإيمان بالله ورسوله، والهجرة من دار الحرب إلى دار الإسلام، طلبَ رضى الله).
وقولُه: ﴿رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ﴾. قال النسفي: (﴿رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ﴾ بأعمالهم الحسنة، ﴿وَرَضُوا عَنْهُ﴾ بما أفاض عليهم من نعمته الدينية والدنيوية).
وقوله: ﴿وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ﴾.
تتويج الرضا من الله سبحانه بالخلود يوم القيامة في بساتين النعيم العظيم، والأمن المقيم، والفوز الكريم.
١٠١ - ١٠٢. قوله تعالى: ﴿وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ لَا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَى عَذَابٍ عَظِيمٍ (١٠١) وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (١٠٢)﴾.
في هذه الآيات: تَنْبيهُ الله تعالى عباده المؤمنين، لوجود أعراب حولهم متسللين، من أهل النفاق ومن عاونهم ممن على طريقتهم في المدينة، دربوا على النفاق ومرنوا عليه، وقد تَوَعَّدَهُم الله بعذاب في الدنيا مرتين، ثم بالرد إلى عذاب في الآخرة عظيم.
وآخرون مؤمنون مقصرون، أهل كسل وتشاغل وتقاعس، جمعوا بين العمل الصالح ونقيضه، ربما يتوب الله عليهم، إن الله غفور رحيم.
فقوله: ﴿وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ﴾.
إخبار من الله تعالى لعباده المؤمنين عن قوم منافقين يتخللون الصفوف في المدينة ومن حولها من أعراب البادية.
قال ابن زيد: (﴿وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ﴾، قال: أقاموا عليه، لم يتوبوا كما تاب الآخرون).
وقال ابن إسحاق: (أي: لجُّوا فيه، وأبوا غيرَه).
وقال ابن جرير: (﴿مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ﴾، يقول: مرَنُوا عليه ودَرِبوا به).