والآية عامة، وإن كان بعض المفسرين أعادوا الضمير في ﴿أَمْوَالِهِمْ﴾ إلى الذين اعترفوا بذنوبهم وخلطوا عملًا صالحًا وآخر سيئًا. ولهذا اعتقد بعض مانعي الزكاة من أحياء العرب أن دفع الزكاة إلى الإمام لا يكون، إنما كان خاصًا بالرسول - ﷺ -، محتجين بقوله تعالى: ﴿خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا﴾، فتصدى لهم صديق الأمة وأول خلفائها، فردّ عليهم هذا التأويل والفهم الفاسد وقاتلهم حتى دفعوها.
فقد روى البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: [لما توفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم- وكان أبو بكر، وكفر من كفر من العرب، فقال عمر: كيف تقاتل الناس؟ وقد قال رسول الله - ﷺ -: أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله، فمن قالها فقد عصم مني ماله ونفسه إلا بحقه وحسابه على الله تعالى. فقال: والله لأقاتلن من فرّق بين الصلاة والزكاة، فإن الزكاة حق المال، والله لو منعوني عَنَاقًا (١) كانوا يؤدونها إلى رسول الله ﷺ - لقاتلتهم على منعها. فقال عمر: فوالله ما هو إلا أن قد شرح الله صدر أبي بكر للقتال فعرفت أنه الحق] (٢).
والمراد بنو يربوع وكانوا جمعوا الزكاة ليخرجوها فمنعهم مالك بن نويرة وفرقها فيهم، وكان قتالهم في أول خلافة أبي بكر رضي الله عنه.
وقوله: ﴿وَصَلِّ عَلَيْهِمْ﴾. أي: ادع لهم واستغفر لهم.
كما في صحيح مسلم عن عبد الله بن أبي أوفى قال: [كان النبي - ﷺ - إذا أتي بصدقة قوم صلى عليهم. وفي رواية: (قال: اللهم صل عليهم). فأتاه أبي بصدقته فقال: اللهم صل على آل أبي أوفى] (٣).
وقوله: ﴿إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ﴾، قال ابن عباس: (رحمة لهم). وقال قتادة: (وقار).
(٢) حديث صحيح. أخرجه البخاري في الصحيح - حديث رقم - (١٣٩٩)، (١٤٠٠) - كتاب الزكاة - باب وجوب الزكاة، ورواه مسلم وأهل السنن.
(٣) حديث صحيح. أخرجه مسلم (١٠٧٨)، وأخرجه البخاري (١٤٩٧)، (٤١٦٦)، (٦٣٣٢)، وأخرجه أبو داود (١٥٩٠)، والنسائي (٥/ ٣١)، وأحمد (٤/ ٣٥٣ - ٣٥٥ - ٣٨١)، والطيالسي (٨١٩) من حديث عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنه.