وقوله: ﴿وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾. أي: ﴿سَمِيعٌ﴾ لدعائك يا محمد ولكل شيء، ﴿عَلِيمٌ﴾ بمن هو أهل لدعوتك، وبالسر وأخفى.
وقوله تعالى: ﴿أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ﴾.
أخرج الإمام أحمد في المسند، بسند صحيح، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: [إن الله عز وجل يقبل الصدقات ويأخذها بيمينه فيربيها لأحدكم كما يُرَبِّي أحدكم مُهْرَه (١) أو فَلُوَّه أو فصيله، حتى إن اللقمة لتصير مثلَ جبل أحد. قال وكيع: وتصديق ذلك في كتاب الله قوله: ﴿هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ﴾. ﴿يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ﴾] (٢).
وفي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - ﷺ -: [مَنْ تَصَدَّق بِعَدْلِ تَمْرَةٍ مِنْ كسْبٍ طيّب، ولا يقبلُ اللهُ إلا الطيِّبَ، وإنّ الله يتقبّلها بيمينه، ثم يُرَبِّيها لصاحبه كما يربي أحدكم فَلُوَّهُ، حتى تكونَ مِثل الجبل] (٣).
وقوله: ﴿وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ﴾.
قال مجاهد: (هذا وعيد). أي: إن الله تعالى يتوعد المخالفين أوامره والمتخلفين عن الجهاد بعرض أعمالهم، فهو يراها سبحانه ويُريها رسوله والمؤمنين في الدنيا، ثم العرض الأكبر يوم القيامة، وهو قوله: ﴿وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾.
وفي التنزيل نحو ذلك:
١ - قال تعالى ﴿يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لَا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ﴾ [الحاقة: ١٨].
٢ - وقال تعالى: ﴿يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ (٩) فَمَا لَهُ مِنْ قُوَّةٍ وَلَا نَاصِرٍ﴾ [الطارق: ٩، ١٠].

(١) هو ولد الفرس.
(٢) حسن صحيح. أخرجه أحمد في المسند (٢/ ٤٠٤)، والترمذي في الجامع (٦٦٢)، وأصله في صحيح البخاري (١٤١٠)، وفي صحيح مسلم (١٠١٤).
(٣) حديث صحيح. أخرجه البخاري (١٤١٠)، ومسلم (١٠١٤)، والترمذي (٦٦١)، والنسائي (٥/ ٥٧)، وابن ماجه (١٨٤٢)، وابن حبان (٢٧٠)، وأحمد (٢/ ٣٣١) من حديث أبي هريرة.


الصفحة التالية
Icon