فإن السعادة قد سبقت له في اللوح المحفوظ، وتناله شفاعة النبي - ﷺ - بإذن الله يوم القيامة، وكذلك كل بشائر الخير.
ففي التنزيل:
١ - قال تعالى: ﴿وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا حَسَنًا (٢) مَاكِثِينَ فِيهِ أَبَدًا﴾ [الكهف: ٢، ٣].
٢ - قال تعالى: ﴿مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ [النحل: ٩٧].
وفي سنن الترمذي ومسند الإمام أحمد بسند صحيح، عن أبي أمامةَ - صُدَيِّ بنِ عَجْلانَ الباهلي رضي الله عنه، قال: سمعت رسول الله - ﷺ - يَخْطُبُ في حَجَّةِ الوداع فقال: [اتقوا الله، وصلوا خَمْسَكُم، وصوموا شَهْرَكم، وأدُّوا زكاة أموالكم، وأطيعوا أُمَرَاءَكُم، تدخلوا جَنَّة ربِّكم] (١).
قال النسفي: ﴿قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ﴾ أي سابقة وفضلًا ومنزلة رفيعة، ولما كان السعي والسبق بالقدم سميت المسعاة الجميلة والسابقة قدمًا كما سميت النعمة يدًا لأنها تعطى باليد، وباعًا لأن صاحبها يَبُوع بها).
وقوله: ﴿قَالَ الْكَافِرُونَ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ مُبِينٌ﴾.
قرأ أهل المدينة والبصرة: ﴿إن هذا لسِحْر مبين﴾ - يعنون القرآن.
وقرأ أهل الكوفة وجماعة: ﴿إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ مُبِينٌ﴾ - يعنون النبي - ﷺ -. وكذبوا فيما قالوا على التأويلين، وهو دليل عجزهم أمام هذا الوحي العظيم، وصدق النبي - ﷺ - الكريم، صلوات الله عليه وعلى جميع المرسلين.
وقوله: ﴿إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ﴾.
أي: إن الله ربكم هو رب العالم كله، سماواته وأرضه، وما فيهن من ألوان الخلائق، فقد أبدع السماوات والأرض في ستة أيام - كهذه الأيام - ثم علا على

(١) حديث صحيح. أخرجه الترمذي (٦١٦)، وأخرجه أحمد (٥/ ٢٥١)، وإسناده صحيح. وصححه ابن حبان (٧٩٥)، والحاكم (١/ ٩، ٣٨٩) - ووافقه الذهبي.


الصفحة التالية
Icon