العرش، فله الكبرياء وحده وتصريف أمور هذا الكون بيده. قال مجاهد: (﴿يُدَبِّرُ الْأَمْرَ﴾: يقضيه وحده).
أخرج الإمام مسلم في صحيحه، والإمام أحمد في مسنده، عن أبي هريرة قال: أخذ رسول الله - ﷺ - بيدي فقال: [خلق الله التربة في السبت، وخلق فيها الجبال يوم الأحد، وخلق الشجر يومَ الاثنين، وخلق المكروه يوم الثلاثاء، وخلق النور يوم الأربعاء، وبثَّ فيها الدواب يوم الخميس، وخلق آدم بعد العصر من يوم الجمعة، في آخر الخلق، في آخر ساعة من ساعات الجمعة، فيما بين العصر إلى الليل] (١).
وأخرج ابن أبي شيبة بسند صحيح عن أبي ذر الغفاري قال: قال رسول الله - ﷺ -: [ما السماوات السبع في الكرسي إلا كحلقة ملقاة بأرض فلاة، وفضل العرش على الكرسي كفضل تلك الفلاة على تلك الحلقة] (٢).
وقوله: ﴿مَا مِنْ شَفِيعٍ إِلَّا مِنْ بَعْدِ إِذْنِهِ﴾. أي: لا يتجرأ أحد على الشفاعة لأحد يوم القيامة إلا من بعد إذن الله تعالى.
كما في التنزيل:
١ - قال تعالى: ﴿مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ﴾ [البقرة: ٢٥٥].
٢ - وقال تعالى: ﴿وَلَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ﴾ [سبأ: ٢٣].
٣ - وقال تعالى: ﴿وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّمَاوَاتِ لَا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا إِلَّا مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَرْضَى﴾ [النجم: ٢٦].
وفي صحيح مسلم من حديث أنس قال: قال رسول الله - ﷺ -: [إذا كان يوم القيامة ماجَ الناس بعضهم في بعض، فيأتون آدم فيقولون: اشفع إلى ربك فيقول: لست لها، ولكن عليكم بإبراهيم فإنه خليل الرحمن. فيأتون إبراهيم فيقول: لست لها ولكن عليكم بموسى فإنه كليم الله. فيأتون موسى فيقول: لست لها ولكن عليكم بعيسى فإنه روح الله وكلمته. فيأتون عيسى فيقول: لست لها ولكن عليكم بمحمد. فيأتوني فأقول: أنا لها فأستأذن على ربي فيؤذن لي ويلهمني محامد أحمده بها لا تحضرني الآن، فأحمده
(٢) إسناده صحيح. أخرجه ابن أبي شيبة في "كتاب العرش" (١١٤/ ١)، والبيهقي في "الأسماء والصفات" (ص ٢٩٠)، وصححه الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة (١٠٩).