الدنيا، حتى إذا هذبوا ونقوا أذن لهم بدخول الجنة، والذي نفسي بيده إن أحدهم بمنزله في الجنة أدل منه بمسكنه كان في الدنيا] (١).
وفيه وفي مسند أحمد من حديث أبي هريرة مرفوعًا: [والذي بعثني بالحق ما أنتم في الدنيا بأعرف بأحوالكم ومساكنكم من أهل الجنة بأزواجهم ومساكنهم إذا دخلوا الجنة] (٢).
والخلاصة: إن أهل صدق الإيمان واليقين بالله واليوم الآخر وقد تهيؤوا للقاء ربهم بالعمل الصالح يرشدهم ربهم يوم القيامة بنور إيمانهم إلى مساكنهم في الجنة تجري تحتهم الأنهار في بساتين النعيم.
وقوله تعالى: ﴿دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾.
إخبار من الله تعالى عن دعاء المؤمنين في الجنة أنه تسبيح وتنزيه لله العظيم، الذي أولاهم هذا الخير من ألوان النعيم، والسلام تحيتهم فيما بينهم، والحمد لله ختام كل لذة ونعمة يرونها ويتنعمون بها.
قال قتادة: (﴿دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ﴾. ذلك دعاؤهم فيها، ﴿وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ﴾).
وفي صحيح مسلم من حديث جابر مرفوعًا: [يأكل أهل الجنة ويشربون ولا يمتخطون ولا يتغوطون ولا يبولون، طعامهم ذلك جشاء كريح المسك، يلهمون التسبيح والتكبير كما تلهمون النفس] (٣). وفي رواية: [قالوا: فما بال الطعام؟ قال: جشاء ورشح كرشح المسك. يلهمون التسبيح والحمد].
أي: تسبيحهم وتحميدهم يجري مع الأنفاس كما تلهمون أنتم النفس.
وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة مرفوعًا: [أول زمرة تَلِجُ الجنة صورتُهم على صورة القمر ليلة البدر لا يبصُقون فيها، ولا يمتخطون، ولا يتغوطون، آنيتُهم فيها الذهب، وأمشاطهم من الذهب والفضة، ومجامِرُهم الألُوَّة، ورشحُهم المسك، ولكل واحد منهم زوجتان، يُرى مُخُّ سُوقِها من وراء اللحم من الحُسنِ، لا اختلاف
(٢) حديث صحيح. انظر صحيح البخاري (٦٥٣٥) - كتاب الرقاق، ومسند أحمد (٣/ ١٣)، (٣/ ٧٤).
(٣) حديث صحيح. أخرجه مسلم (٨/ ١٤٧). والجشاء: ريح يخرج من الفم عند الشبع يرافقه صوت.