كشفه الله له تنكّر لشكره وزيّن له الشيطان الكبر والعجب والغرور. لقد أهلك الله أممًا كثيرة عاشت على الكبر وكذبت الرسل فأذاقها الله ما يذيق المجرمين. ثم جعلكم - أيها الناس - سكانًا في الأرض من بعدهم، لِتُمْتَحنوا كما امتَحَنَ من قبلكم ولينظر كيف تعملون.
فقوله: ﴿وَلَوْ يُعَجِّلُ اللَّهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ اسْتِعْجَالَهُمْ بِالْخَيْرِ لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ﴾.
قال مجاهد: (قولُ الإنسان لولده وماله إذا غضب عليه: اللهم لا تبارك فيه والعنه! فلو يعجِّلُ الله الاستجابة لهم في ذلك، كما يستجاب في الخير، لأهلكهم).
والآية تدل على حلم الله سبحانه ولطفه بعباده، فإنه لو استجاب دعاء الداعي منهم - حالة غضبه أو ضيقه - وهو يدعو على نفسه أو ماله أو ولده أو أهله لأصابهم العنت والهلاك ولنزل بهم ما يحذرون من الضيق والهمّ. قال ابن جرير: (﴿لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ﴾، يقول: لهلكوا، وَعُجِّلَ لهم بالموت، وهو الأجل).
وفي التنزيل:
١ - قال تعالى: ﴿وَيَدْعُ الْإِنْسَانُ بِالشَّرِّ دُعَاءَهُ بِالْخَيْرِ وَكَانَ الْإِنْسَانُ عَجُولًا﴾ [الإسراء: ١١].
٢ - وقال تعالى: ﴿وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِنْ دَابَّةٍ﴾ [فاطر: ٤٥].
ومن كنوز السنة الصحيحة في آفاق هذا المعنى أحاديث:
الحديث الأول: أخرج الإمام مسلم في صحيحه عن أمِّ سَلَمَةَ قالت: [دخل رسول الله - ﷺ - على أبي سَلمَةَ وقد شَقَّ بَصَرُه، فأغْمَضَهُ، ثم قال: إن الروح إذا قُبضَ تبعه البصر. فَضَجَّ ناسٌ من أهله فقال: لا تدعوا على أنفسكم إلا بخير، فإن الملائكة يؤمنون على ما تقولون...] الحديث (١).
الحديث الثاني: أخرج أبو داود بسند صحيح عن جابر بن عبد الله، قال: قال رسول الله - ﷺ -: [لا تَدعوا على أنفسكم، ولا تدعوا على أولادكم، ولا تدعوا على