خدمكم، ولا تدعوا على أموالكم، لا توافقوا من الله ساعة نَيْل فيها عطاء فيستجيبَ لكم] (١).
الحديث الثالث: أخرج الحاكم بسند صحيح على شرط البخاري، عن أم الفضل رضي الله عنها: [أن رسول الله - ﷺ - دخل عليهم، وعباس عم رسول الله - ﷺ - يشتكي، فتمنى عباس الموت، فقال له رسول الله - ﷺ -: يا عم! لا تتمن الموت، فإنك إن كنت محسنًا، فان تؤخر تزداد إحسانًا إلى إحسانك خير لك، وإن كنت مسيئًا فأن تؤخر فتستعتب من إساءتك خير لك، فلا تتمن الموت] (٢).
وقوله: ﴿فَنَذَرُ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ﴾.
أي: فندع الذين لا يؤمنون بالحساب والبعث ولا يخافون العاقبة في تمردهم وطغيانهم وغيّهم يترددون.
وقوله: ﴿وَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ الضُّرُّ دَعَانَا لِجَنْبِهِ أَوْ قَاعِدًا أَوْ قَائِمًا﴾.
قال ابن جريج: (﴿دَعَانَا لِجَنْبِهِ﴾ قال: مضطجعًا). وقال ابن جرير: (﴿دَعَانَا لِجَنْبِهِ﴾، يقول: استغاث بنا في كشف ذلك عنه، ﴿لِجَنْبِهِ﴾، يعني مضطجعًا لجنبه، ﴿أَوْ قَاعِدًا أَوْ قَائِمًا﴾، بالحال التي يكون بها عند نزول ذلك الضرّ به).
وقوله: ﴿فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَنْ لَمْ يَدْعُنَا إِلَى ضُرٍّ مَسَّهُ﴾.
أي: حتى إذا استجاب الله له وكشف عنه ما نزل به من الضيق والهم والمصيبة عاد لغفلته ونسي شكر ربه على ما فرّج عنه، وربما خاض من جديد في طريقته الأولى في العتو والكبر والإسراف.
وقوله: ﴿كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْمُسْرِفِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ - ذمٌّ لمن كان هذا حاله في التقلب، فهو يستكين ويتواضع لربه عند النازلة، ثم لا يلبث أن يعود لتكبره عن شكره تعالى وعبادته عند الفرج والفرح.

(١) حديث صحيح. أخرجه أبو داود في السنن (١٥٣٢) - كتاب الصلاة. باب النهي: أن يدعو الإنسان على أهله وماله - وهو بإسناد على شرط مسلم، وانظر صحيح سنن أبي داود (١٣٥٦).
(٢) حديث صحيح. أخرجه الحاكم (١/ ٣٣٩) من حديث أم الفضل رضي الله عنها - وأخرجه الشيخان، والبيهقي (٣/ ٣٧٧) من حديث أنس نحوه مرفوعًا.


الصفحة التالية
Icon