وفي التنزيل من آفاق هذا المعنى:
١ - قال تعالى: ﴿وَإِذَا أَنْعَمْنَا عَلَى الْإِنْسَانِ أَعْرَضَ وَنَأَى بِجَانِبِهِ وَإِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ فَذُو دُعَاءٍ عَرِيضٍ﴾ [فصلت: ٥١].
٢ - وقال تعالى: ﴿وَلَئِنْ أَذَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنَّا رَحْمَةً ثُمَّ نَزَعْنَاهَا مِنْهُ إِنَّهُ لَيَئُوسٌ كَفُورٌ (٩) وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ نَعْمَاءَ بَعْدَ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ ذَهَبَ السَّيِّئَاتُ عَنِّي إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ (١٠) إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ﴾ [هود: ٩ - ١١].
فاستثنت الآية من تلك الصفة الذميمة أهل الإيمان والهداية والصبر، فإنهم حذرون من السقوط في تلك الهاوية، وبذلك جاءت نصوص السنة العطرة، في أحاديث:
الحديث الأول: أخرج الإمام مسلم في صحيحه عن صُهَيْبٍ قال: قال رسول الله - ﷺ -: [عجبًا لأمر المؤمن، إنَّ أَمْرَه كُلَّهُ له خَيْرٌ، وليس ذلك لأحدٍ إلا للمؤمن، إن أصابَتْهُ سَرّاء شكَرَ، فكان خَيْرًا له، وإن أصابَتْهُ ضَرَّاءَ صَبَرَ، فكان خيرًا له] (١).
الحديث الثاني: أخرج الإمام أحمد والدارمي بسند صحيح على شرط مسلم عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن صهيب قال: [بينا رسول الله - ﷺ - قاعد مع أصحابه إذ ضحك، فقال: ألا تسألوني مم أضحك؟ قالوا: يا رسول الله! ومم تضحك؟ قال: عجبت لأمر المؤمن، إن أمره كله خير، إن أصابه ما يحب حمد الله وكان له خير، وإن أصابه ما يكره فصبر كان له خير، وليس كل أحد أمره كله خير إلا المؤمن] (٢).
الحديث الثالث: أخرج الطيالسي بسند صحيح عن سعد بن أبي وقاص مرفوعًا: [عجبتُ للمسلم إذا أصابته مصيبةٌ احتسب وصبر، وإذا أصابه خيرٌ حمدَ الله وشكرَ، إنَّ المسلم يؤجرُ في كل شيء حتى في اللقمة يرفعها إلى فيه] (٣).
الحديث الرابع: يروي عبد الله بن أحمد في مسند أبيه عن أنس بن مالك قال: قال
(٢) إسناده صحيح على شرط مسلم. أخرجه الدارمي (٢/ ٣١٨)، وأحمد (٦/ ١٦)، وبنحوه روى الإمام مسلم (٨/ ٢٢٧)، وانظر سلسلة الأحاديث الصحيحة - حديث رقم - (١٤٧).
(٣) حديث صحيح. أخرجه الطيالسي (٢١١) بإسناد صحيح، وأخرجه البيهقي. انظر سلسلة الأحاديث الصحيحة (١٤٧)، وصحيح الجامع الصغير - حديث رقم - (٣٨٨١).