أي: قل لهم يا محمد، هل تنبئون الله بأمر غاب عنه، فهم شفعاء لكم من حيث لا يعلم! ! وهو ملك السماوات والأرض وما فيهن! ! تنزه الله وتعالى أن يكون له شريك.
أخرج البخاري ومسلم عن معاذ قال: [كنتُ رِدْفَ رسول الله - ﷺ - على حمار ليس بيني وبينه إلا مُؤخرة الرحل فقال: يا معاذ! هل تدري ما حق الله على عباده؟ وما حق العباد على الله؟ قلت: الله ورسوله أعلم! قال: فإن حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئًا، وحق العباد على الله أن لا يعذب من لا يشرك به شيئًا. فقلت: يا رسول الله! أفلا أبشر به الناس؟ قال: لا تبشرهم فيتكلوا] (١).
وفي المسند وصحيح البخاري عن ابن مسعود رضي الله عنه: أن رسول الله - ﷺ - قال: [من مات وهو يدعو من دون الله نِدًّا دخل النار] (٢).
وقوله: ﴿وَمَا كَانَ النَّاسُ إِلَّا أُمَّةً وَاحِدَةً فَاخْتَلَفُوا﴾. قال مجاهد: (حين قتل أحد ابني آدم أخاه). وقال الزجاج: (هم العرب كانوا على الشرك). وقيل: كل مولود يولد على الفطرة، فاختلفوا عند البلوغ. والمقصود: أن الناس كانوا على دين واحد وملة واحدة ثم افترقت بهم السبل حين اتبعوا الشياطين. قال ابن عباس: (كان بين آدم ونوح عشرةُ قرون، كُلُّهم على الإسلام، ثم وقع الاختلاف بين الناس، وعُبدت الأصنامُ والأندادُ، فبعث الله الرسل بآياته وبيناته وحُجَجِه البالغة وبراهينه الدامغة، ﴿لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيَى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ﴾ [الأنفال: ٤٢]).
أخرج البخاري في صحيحه - كتاب التفسير - باب ﴿وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ﴾ [نوح: ٢٣].
قال ابن عباس: [أسماء رجال صالحين من قوم نوح، فلما هلكوا أوحى الشيطان إلى قومهم أن انصبوا إلى مجالسهم التي كانوا يَجْلِسُون أنْصَابًا وسَمُّوها بأسمائهم، ففعلوا، فلم تُعْبَدْ، حتى إذا هَلَكَ أولئكَ وتَنَسَّخَ العِلْمُ عُبِدَتْ] (٣).
(٢) حديث صحيح. أخرجه البخاري (٨/ ١٣٢) - في تفسير سورة البقرة، وأخرجه أحمد (١/ ٤٦٢ - ٤٦٤)، من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه.
(٣) حديث صحيح. أخرجه البخاري (٤٩٢٠) - كتاب التفسير - سورة نوح، آية (٢٣).