٤ - ﴿وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَابًا مِنَ السَّمَاءِ فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ (١٤) لَقَالُوا إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَسْحُورُونَ﴾ [الحجر: ١٤، ١٥].
ومع ذلك فقد استجاب الله تعالى - أمام إلحاح كفار قريش وطغاة مكة - فأراهم معجزة انشقاق القمر نصفين، إلا أنهم عادوا إلى كفرهم متهمين ما رأوا بالسحر شأن الأمم قبلهم لتحق سنة الله فيهم.
أخرج الترمذي من حديث أنس قال: [سأل أهل مكة النبي - ﷺ - آية، فانشق القمر بمكة مرتين، فنزلت: ﴿اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ (١) وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ﴾ أي ذاهب] (١).
وفي صحيح البخاري عن أنس رضي الله عنه: [أن أهل مكة سألوا رسول الله - ﷺ - أن يريهم آية فأراهم القمر شِقَّتَين حتى رأوا حراءً بينهما] (٢).
وقد روى الحدث أيضًا - الإمام البخاري - عن شاهد عيان وهو عبد الله بن مسعود حيث قال: [انشق القمر ونحن مع النبي - ﷺ - بمنى فقال: اشهدوا، فذهبت فرقة نحو الجبل] (٣).
وقوله: ﴿فَقُلْ إِنَّمَا الْغَيْبُ لِلَّهِ فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ﴾.
قال النسفي: (﴿فَقُلْ إِنَّمَا الْغَيْبُ لِلَّهِ﴾ أي هو المختص بعلم الغيب فهو العالم بالصارف عن إنزال الآيات المقترحة - ليس غير - ﴿فَانْتَظِرُوا﴾ نزول ما اقترحتموه ﴿إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ﴾ لما يفعل الله بكم لعنادكم وجحودكم الآيات).
٢١ - ٢٣. قوله تعالى: {وَإِذَا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُمْ إِذَا لَهُمْ مَكْرٌ فِي آيَاتِنَا قُلِ اللَّهُ أَسْرَعُ مَكْرًا إِنَّ رُسُلَنَا يَكْتُبُونَ مَا تَمْكُرُونَ (٢١) هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُوا بِهَا جَاءَتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ
(٢) حديث صحيح. أخرجه البخاري في صحيحه - (انظر فتح الباري: ٧/ ١٨٢).
(٣) حديث صحيح. أخرجه البخاري من حديث عبد الله بن مسعود. انظر فتح الباري - شرح صحيح البخاري (٦/ ٦٣١)، وصحيح مسلم بشرح النووي (١٧/ ١٤٣).