لعمل السعادة، وأما من كان من أهل الشقاوة فسييسر لعمل الشقاوة، ثم قرأ: ﴿فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى (٥) وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى (٦) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى (٧) وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى (٨) وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى (٩) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى﴾] (١).
٣٤ - ٣٦. قوله تعالى: ﴿قُلْ هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ قُلِ اللَّهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ (٣٤) قُلْ هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ قُلِ اللَّهُ يَهْدِي لِلْحَقِّ أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لَا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدَى فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ (٣٥) وَمَا يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلَّا ظَنًّا إِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ (٣٦)﴾.
في هذه الآيات: أَمْرُ الله نبيّه متابعة الاحتجاج بقوارع الوحي على المشركين. قل لهم: هل يستطيع أحد من شركائكم بدء الخلق ثم إعادته؟ ! فالله القادر على ذلك وحده، فأنى تؤفكون؟ ! ثم قل لهم: هل من شركائكم من يملك هداية القلوب وانشراح الصدور للحق؟ ! إنّ الله هو القادر على ذلك وحده، أفيستحق العاجز أن يُعبد أم القادر؟ فكيف تحكمون؟ ! إنه ما يتبع أكثرهم - يا محمد - إلا الظن، والظن لا يفيد صاحبه من الحق شيئًا، والله عليم بما يفعلون.
فقوله: ﴿قُلْ هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَبْدَأُ الْخَلْقَ﴾. أي: ينشئه من العدم، فيبدؤه من غير أصل "ثم يعيده" - قال ابن جرير: (يقول: ثم يفنيه بعد إنشائه، ثم يعيده كهيئته قبل أن يفنيه). وهذا احتجاج بديع من الله تعالى على هؤلاء المشركين الذين خلقهم ويعبدون غيره، وهو وحده القادر على بدء الخلق وإعادته. ومنه:
قوله: ﴿قُلِ اللَّهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ﴾ - قال الحسن: (أنى تصرفون).
وقوله: ﴿قُلْ هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ قُلِ اللَّهُ يَهْدِي لِلْحَقِّ﴾ - قال ابن كثير: (أي: أنتم تعلمون أن شركاءكم لا تقدر على هداية ضال، وإنما يَهدِي الحيارى والضُّلَّال ويُقلب القلوب من الغيِّ إلى الرُّشد الله الذي لا إله إلا هو).