فقوله تعالى: ﴿وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾. قال ابن جرير: (ويقول هؤلاء المشركون من قومك، يا محمد، ﴿مَتَى هَذَا الْوَعْدُ﴾، الذي تعدنا أنه يأتينا من عند الله، وذلك قيام الساعة). وقال النسفي: (أي وعد العذاب ﴿إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾ أن العذاب نازل، وهو خطاب منهم للنبي والمؤمنين).
وقوله: ﴿قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي ضَرًّا وَلَا نَفْعًا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ﴾. أي: قل - يا محمد - لمستعجليك هذا العذاب أو الوعيد، أنا لا أملك لنفسي ولا أقدر لها على ضر أو نفع في دين أو دنيا إلا بإذن الله. قال القاسمي: (﴿قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي ضَرًّا وَلَا نَفْعًا﴾ أي مع أن ذلك أقرب حصولًا، فكيف أملك لكم حتى أستعجل في جلب العذاب لكم، وتقديم الضر).
وقوله: ﴿لِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ إِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَلَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ﴾. قال النسفي: (لكل أمة وقت معلوم للعذاب مكتوب في اللوح، فإذا جاء وقت عذابهم لا يتقدمون ساعة ولا يتأخرون فلا تستعجلوا).
وقوله تعالى: ﴿قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُهُ بَيَاتًا أَوْ نَهَارًا مَاذَا يَسْتَعْجِلُ مِنْهُ الْمُجْرِمُونَ﴾.
أي: قل - يا محمد - لهؤلاء المتنطعين المستكبرين من قومك: أخبروني ما الذي يستعجله المجرمون من نزول العذاب بهم، وهو واقع معلوم زمانه وهيئته في علم الله، ثم هم لا يقدرون دفعه إن نزل بهم ليلًا أو نهارًا، بل يصبحون أسارى ذلك الخزي والعقاب.
وقوله تعالى: ﴿أَثُمَّ إِذَا مَا وَقَعَ آمَنْتُمْ بِهِ آلْآنَ وَقَدْ كُنْتُمْ بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ﴾.
يعني: أنهم حين ينزل العذاب بهم يصدقون ما كانوا أنكروا من قبل ولكن هيهات فقد أخروا ذلك إلى حين لا ينفع التصديق، وإلى وقت فات قطار النجاة. قال القرطبي: (﴿أَثُمَّ إِذَا مَا وَقَعَ آمَنْتُمْ بِهِ آلْآنَ﴾ في الكلام حذف، والتقدير: أتأمنون أن ينزل بكم العذاب ثم يقال لكم إذا حل: آلآن آمنتم به؟ قيل: هو من قول الملائكة استهزاء بهم. وقيل: هو من قول الله تعالى، ودخلت ألف الاستفهام على ﴿ثُمَّ﴾ والمعنى: التقرير والتوبيخ). واختار ابن جرير معنى ﴿أَثُمَّ﴾ أهنالك. وأما ﴿آلْآنَ﴾ فقيل: أصل فعل مبنيّ مثل حان، والألف واللام لتحويله إلى الاسم. قال الخليل: (بنيت لالتقاء الساكنين، والألف واللام للعهد والإشارة إلى الوقت، وهو حدّ الزمانين).
والخلاصة: إن المشركين المنكرين النبوة والوحي ولقاء الله يوم البعث إذا عاينوا


الصفحة التالية
Icon