والحزن عنهم. وإخباره تعالى عن ركني الولاية: الإيمان والتقوى. فالأولياء الصالحون لهم بشائر الظفر في الدنيا والسعادة في الآخرة، وعدًا عليه تعالى حقًا، وذلك الفوز العظيم.
فقوله تعالى: ﴿أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ﴾.
أي: إن أنصار الله مطمئنون في الدنيا آمنون في الآخرة، فلا هم يحزنون على ما فاتهم من الدنيا، ولا هم يفزعون في الآخرة إذ آمَنَهُم سبحانه من عقابه. والأولياء جمع "ولي"، وهو النصير. قال الرازي: (الوِلاية بالفتح والكسر النُّصرة). وقال سيبويه: ("الوَلاية" بالفتح المصدر وبالكسر الاسم).
وأركان الولاية بنص الآية:
١ - الإيمان.
٢ - التقوى.
قال تعالى: ﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ﴾. فكل من جمع بين هذين الركنين: الإيمان والتقوى كان وليًا من أولياء الله تعالى، ولو كان مجهولًا لكثير من الناس أو أشعث أغبر لا يُهتم به.
ومن أقوال المفسرين في وصف أولياء الله تعالى:
١ - قال ابن عباس: (الذين يذكر الله لرؤيتهم).
٢ - قال أبو الضحا: (من الناس مفاتيح، إذا رؤوا ذُكِرَ الله لرؤيتهم).
٣ - قال ابن زيد: (﴿أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ﴾، من هم يا ربّ؟ قال: ﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ﴾ قال أبيّ: لن يُتقَبّلَ الإيمان إلا بالتقوى).
قلت: وقد حفلت السنة الصحيحة بذكر صفات هؤلاء الأولياء ونعوتهم التي تميزوا بها في أحاديث:
الحديث الأول: أخرج أبو داود بسند صحيح عن جرير: أن عمر بن الخطاب قال: قال النبي - ﷺ -: [إنّ من عباد الله لأناسًا ما هم بأنبياء، ولا شهداء، يغبطهم الأنبياء والشهداء يومَ القيامة بمكانهم من الله تعالى. قالوا: يا رسول الله، تخبرنا من هم؟ قال: هم قوم تحابوا بروح الله على غير أرحام بينهم، ولا أموال يتعاطونها، فوالله إن وجوههم لنور، وإنهم على نور: لا يخافون إذا خاف الناس، ولا يحزنون إذا حزن


الصفحة التالية
Icon