وعصيّكم. وقوله: ﴿فَلَمَّا أَلْقَوْا قَالَ مُوسَى مَا جِئْتُمْ بِهِ السِّحْرُ﴾. قال ابن جرير: (فقرأته عامة قرأة الحجاز والعراق: ﴿مَا جِئْتُمْ بِهِ السِّحْرُ﴾ على وجه الخبر من موسى عن الذي جاءت به سحرة فرعون، أنه سحر). وهناك من قرأها من المدنيين والبصريين: "ما جئتم به آلسِّحر؟ " على وجه الاستفهام، لكن لا وجه له، لأن موسى لم يكن شاكًا أنه سحر.
وفي التنزيل:
١ - قال تعالى: ﴿قَالَ أَلْقُوا فَلَمَّا أَلْقَوْا سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجَاءُوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ﴾ [الأعراف: ١١٦].
٢ - وقال تعالى: ﴿فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسَى (٦٧) قُلْنَا لَا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعْلَى (٦٨) وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ مَا صَنَعُوا إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى﴾ [طه: ٦٧ - ٦٩].
قال ابن كثير: (فأراد موسى أن تكون البَدْأَةُ منهم، ليرى الناس ما صنعوا، ثم يأتي بالحق بعده فيدمغ باطلهم).
وقوله: ﴿إِنَّ اللَّهَ سَيُبْطِلُهُ إِنَّ اللَّهَ لَا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ﴾. أي: إن الله سيظهر بطلان هذا السحر وسيذهب به، فإنه لا يصلح عمل من بغى في الأرض وأراد إفشاء الفساد فيها ونشر المعاصي والآثام.
وقوله تعالى: ﴿وَيُحِقُّ اللَّهُ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ﴾.
قال القرطبي: (﴿وَيُحِقُّ اللَّهُ الْحَقَّ﴾ أي يبيّنه ويوضحه، ﴿بِكَلِمَاتِهِ﴾ أي بكلامه وحججه وبراهينه، وقيل: بعداته بالنصر، ﴿وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ﴾ من آل فرعون).
٨٣ - ٨٦. قوله تعالى: ﴿فَمَا آمَنَ لِمُوسَى إِلَّا ذُرِّيَّةٌ مِنْ قَوْمِهِ عَلَى خَوْفٍ مِنْ فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِمْ أَنْ يَفْتِنَهُمْ وَإِنَّ فِرْعَوْنَ لَعَالٍ فِي الْأَرْضِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الْمُسْرِفِينَ (٨٣) وَقَالَ مُوسَى يَاقَوْمِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُسْلِمِينَ (٨٤) فَقَالُوا عَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْنَا رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (٨٥) وَنَجِّنَا بِرَحْمَتِكَ مِنَ الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (٨٦)﴾.
في هذه الآيات: إِخْبَارُ الله تعالى نبيّه - ﷺ - أنه لم يؤمن مع موسى إلا طائفة قليلة على خوف من بطش فرعون وملئه، فلقد كان فرعون عاتيًا من المجرمين، فطمأن موسى