أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَا فَاسْتَقِيمَا وَلَا تَتَّبِعَانِّ سَبِيلَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ (٨٩)}.
في هذه الآيات: وَحْيُ الله تعالى إلى موسى وأخيه - عليهما السلام - اتخاذ بيوت مناسبة بمصر لأقوامهما وجعلها مساجد للصلاة، والبشرى للمؤمنين. وتضرع موسى إلى ربه تغيير أموال فرعون وملئه التي يفسدون فيها ويصدّون عن الحق إلى غير حالتها لتصير إلى الهلاك كما تصير القلوب إلى الطبع والإقفال فلا يؤمن أصحابها حتى يروا العذاب الأليم. واستجابة الله تعالى دعوة موسى وتأمين هارون عليها وأمره لهما بالاستقامة على سبيل الحق واجتناب سبيل الجاهلين.
فقوله: ﴿وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى وَأَخِيهِ أَنْ تَبَوَّآ لِقَوْمِكُمَا بِمِصْرَ بُيُوتًا وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً﴾. أي: اتخذوا لقومكما بمصر بيوتًا واجعلوا بيوتكم مساجد تصلون فيها. ومن أقوال المفسرين في هذه الآية:
١ - عن ابن عباس: (﴿وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً﴾، قال: مساجد). وقال: (أمروا أن يتخذوها مساجد). وقال: (كانوا يَفْرَقون من فرعون وقومه أن يصلّوا، فقال لهم: ﴿وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً﴾، يقول: اجعلوها مسجدًا حتى تصلوا فيها).
٢ - وعن منصور، عن ابراهيم قال: (كانوا خائفين، فأمروا أن يصلوا في بيوتهم). وقال مجاهد: (كانوا لا يصلون إلا في البيع، وكانوا لا يصلون إلا خائفين، فأمروا أن يصلوا في بيوتهم).
٣ - وقال ابن زيد: (﴿وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً﴾ قال أبي: اجعلوا في بيوتكم مساجدكم تصلُّون فيها، تلك "القبلة").
٤ - وقال قتادة: (وذلك حين منعهم فرعون الصلاة، فأمروا أن يجعلوا مساجدهم في بيوتهم، وأن يوجهوا نحو القبلة).
وقوله: ﴿وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ﴾ - أمر من الله تعالى لهم بأداء الصلاة المفروضة بحدودها في أوقاتها، والبشرى للمؤمنين الصابرين المخبتين لأوامر ربهم سبحانه وتعالى.