وفي سنن أبي داود بإسناد حسن عن حذيفة قال: [كان النبي - ﷺ - إذا حَزَبَهُ أمر صَلَّى] (١).
وقوله تعالى: ﴿وَقَالَ مُوسَى رَبَّنَا إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلَأَهُ زِينَةً وَأَمْوَالًا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا رَبَّنَا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِكَ رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ﴾.
إِخْبَارٌ من الله تعالى عن قول موسى: يا ربنا، إنك أعطيت فرعون وحاشيته من الملأ من أشراف قومه من متاع الحياة الدنيا وزينتها ومن الأموال من أعيان الذهب والفضة وغيرها، وهم مع ما أعطيتهم يضلون عن سبيلك، ويصدون عن سبيلك.
قال ابن جرير: (وقوله: ﴿رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ﴾ هذا دعاء من موسى، دعا الله على فرعون وملئه أن يغيّر أموالهم عن هيئتها، ويبدلها إلى غير الحال التي هي بها). قال مجاهد: (﴿رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ﴾ قال: أهلكها). وعن ابن عباس قال: (يقول: دمِّر عليهم وأهلك أموالهم، ﴿وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ﴾، يقول: واطبع على قلوبهم، ﴿حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ﴾، وهو الغرق). وقال مجاهد (﴿وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ﴾، بالضلالة). وقال الضحاك: (يقول: أهلكهم كفارًا).
وقوله تعالى: ﴿قَالَ قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَا فَاسْتَقِيمَا وَلَا تَتَّبِعَانِّ سَبِيلَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ﴾. قال عكرمة: (كان موسى يدعو، وهارون يؤمن، فذلك قوله: ﴿قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَا﴾). وعن ابن عباس: (﴿فَاسْتَقِيمَا﴾ فامضيا لأمري، وهي الاستقامة). وقال ابن جرير: (وقوله: ﴿وَلَا تَتَّبِعَانِّ سَبِيلَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ﴾، يقول: ولا تسلكان طريق الذين يجهلون حقيقة وعدي، فتستعجلان قضائي، فإن وعدي لا خلف له، وإن وعيدي نازلٌ بفرعون، وعذابي واقع به وبقومه).
قلت: وهذه الآيات العظيمة جزء من بناء منهج المفاصلة الذي سار عليه الأنبياء والرسل الكرام - صلوات الله وسلامه عليهم - وهو منهاج قائم لمن بعدهم إلى يوم القيامة.