وقوله تعالى: ﴿نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا الْقُرْآنَ وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ﴾.
أي: نحن يا محمد نوحي إليك فنخبرك عن سيرة الأمم الماضية، وأخبار الأقوام السالفة مع رسلها، وإن كنت من قبل أن نوحيه إليك لمن الغافلين عن ذلك لا تعلمه ولا تدري عن تفصيل ذلك.
فعن قتادة: (﴿نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ﴾، من الكتب الماضية، وأمور الله السالفة في الأمم).
أخرج ابن جرير والحاكم بسند صحيح من حديث سعد قال: [أنزل القرآن على رسول الله - ﷺ - فتلاه عليهم زمانًا فقالوا: لو قصصت علينا، فنزل: ﴿نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا الْقُرْآنَ وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ﴾] (١).
قلت: وهذه الآية الكريمة هي في مدح القرآن الكريم، وأنه أصل العلوم والمعارف والأخبار الصحيحة، وفي ذلك إشارة إلى أن أي فكر لا يتأصل من هذا القرآن فهو فكر قاصر، وأي فلسفة كذلك مرفوضة، وأي قصص وحديث لا يوافق هذا القرآن فهو مرفوض، فمن القرآن الحكم وإليه المرجع مع صحيح السنة.
وفي تأصيل هذا المنهج أحاديث:
الحديث الأول: أخرج الإمام أحمد في المسند عن جابر بن عبد الله: [أن عمر أتى النبي - ﷺ - فقال: إنا نسمع أحاديث من يهود تعجبنا أفترى أن نكتب بعضها؟ فقال: أمتهوكون أنتم كما تهوكت اليهود والنصارى، لقد جئتكم بها بيضاء نقية، ولو كان موسى حيًا ما وسعه إلا اتباعي] (٢).
قلت: والتهوك كالتهور، وهو الوقوع في الأمر بغير رؤية، والمتهوك الذي يقع في كل أمر.
الحديث الثاني: أخرج الطبراني والبيهقي بسند حسن لشواهده، عن الشعبي، عن عبد الله بن ثابت قال: [جاء عمر إلى النبي - ﷺ -، فقال: يا رسول الله، إني مررت بأخ
(٢) حديث حسن. انظر مسند أحمد (٣/ ٤٧٠ - ٤٧١)، وتخريج أحاديث "زاد المعاد" (٣/ ٢٣٢).