وقوله: ﴿وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَعَلَى آلِ يَعْقُوبَ كَمَا أَتَمَّهَا عَلَى أَبَوَيْكَ مِنْ قَبْلُ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ إِنَّ رَبَّكَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾.
أي: يتم الله تعالى نعمته على يوسف - ﷺ - بالرسالة والاجتباء وتعليمه تأويل الأحاديث والأحلام، كما أتمها على أهل دين يعقوب وملته من ذريته الصالحين، ومن قبلهم باتخاذ إبراهيم خليلًا من بين المرسلين، وإسحاق نبيًا من المخلصين، أخلصه واختصه مع أبيه إبراهيم وابنه يعقوب بذكرى الدار الآخرة، إن ربك عليم بمواضع الفضل وأهل الاختصاص والاجتباء من عباده، حكيم في تقديره وتدبيره وتشريعه.
وفي التنزيل: ﴿وَاذْكُرْ عِبَادَنَا إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ أُولِي الْأَيْدِي وَالْأَبْصَارِ (٤٥) إِنَّا أَخْلَصْنَاهُمْ بِخَالِصَةٍ ذِكْرَى الدَّارِ (٤٦) وَإِنَّهُمْ عِنْدَنَا لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ الْأَخْيَارِ﴾ [ص: ٤٥ - ٤٧].
٧ - ١٠. قوله تعالى: ﴿لَقَدْ كَانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آيَاتٌ لِلسَّائِلِينَ (٧) إِذْ قَالُوا لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَى أَبِينَا مِنَّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّ أَبَانَا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (٨) اقْتُلُوا يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضًا يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ وَتَكُونُوا مِنْ بَعْدِهِ قَوْمًا صَالِحِينَ (٩) قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ لَا تَقْتُلُوا يُوسُفَ وَأَلْقُوهُ فِي غَيَابَتِ الْجُبِّ يَلْتَقِطْهُ بَعْضُ السَّيَّارَةِ إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ (١٠)﴾.
في هذه الآيات: يخبر تعالى أن في قصة يوسف مع إخوته الكثير من الفوائد والدروس والعبر، فهم قابلوا حبّ أبيهم لأخيهم بالمكر والبغي والحسد، فكان التخطحط منهم لقتله أو إلقائه في بئر على الطريق يلتقطه بعض المسافرين، ثم اختاروا بعد التشاور آخر الأمرين.
فقوله تعالى: ﴿لَقَدْ كَانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آيَاتٌ لِلسَّائِلِينَ﴾.
قال ابن إسحاق: (إنما قصَّ الله تبارك وتعالى على محمد خبر يوسف، وبَغْيَ إخوته عليه، وحسدهم إياه، حين ذكر رؤياه، لما رأى رسول الله - ﷺ - من بغي قومه وحسده حين أكرمه الله عز وجل بنبوته، ليأتسي به).