وقوله تعالى: ﴿إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾. تأكيد ليوم الحساب والرجوع إلى الله سبحانه والوقوف بين يديه لنيل الثواب والعقاب، فهو القدير على الإحياء والإماتة والبعث من القبور ونشر صحف الأعمال وتفريق الخلق إلى فريقين: فريق في الجنة وفريق في السعير.
٥ - ٨. قوله تعالى: ﴿أَلَا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ لِيَسْتَخْفُوا مِنْهُ أَلَا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (٥) وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ (٦) وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَلَئِنْ قُلْتَ إِنَّكُمْ مَبْعُوثُونَ مِنْ بَعْدِ الْمَوْتِ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ (٧) وَلَئِنْ أَخَّرْنَا عَنْهُمُ الْعَذَابَ إِلَى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ لَيَقُولُنَّ مَا يَحْبِسُهُ أَلَا يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفًا عَنْهُمْ وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ (٨)﴾.
في هذه الآيات: إِخْبَارُ الله تعالى عن سلوك المشركين وهم يستخفون بباطلهم والله مطلع على سرائرهم. إنه ما من دابة إلا ورزقها من عند الله، وقد علم منتهى سيرها ومأواها قبل خلقها. هو الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام وكان عرشه على الماء ليختبركم - أيها الناس - أيكم أفضل عملًا، والكافرون منكرون للبعث مستهزئون بقدوم العذاب وهو واقع بهم لا محالة، وسيحيق بهم ما كانوا به يستهزئون.
فقوله: ﴿أَلَا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ لِيَسْتَخْفُوا مِنْهُ﴾ - قال البخاري: ﴿يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ﴾: شك وامتراءٌ في الحق. ﴿لِيَسْتَخْفُوا مِنْهُ﴾: من الله إن استطاعوا).
فكان أهل الجاهلية يفعلون ذلك جهلًا منهم بالله، وظنًا أن الله يخفى عليه ما تضمره صدورهم إذا فعلوا ذلك. والآية لها أكثر من تأويل عند المفسرين:
التأويل الأول: هو ما سبق ذكره. قال ابن عباس: (يخفون ما في صدورهم من الشَّحناء والعداوة، ويظهرون خلافه).
قال القرطبي: (﴿أَلَا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ لِيَسْتَخْفُوا مِنْهُ﴾ أخبر عن معاداة المشركين