﴿بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ﴾ - قال ابن عباس: (لما أتي يعقوب بقميص يوسف فلم ير فيه خرقًا قال: كذبتم، لو أكله السبع لخرق قميصه).
وعن قتادة: (﴿بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْرًا﴾ قال: يقول: بل زيَّنَت لكم أنفسكم أمرًا).
وقال مجاهد: (﴿فَصَبْرٌ جَمِيلٌ﴾: ليس فيه جزع) - أي صبر لا شكوى فيه. أي: سأصبر صبرًا جميلًا على هذا المصاب والمكر الذي اتفقتم عليه حتى يفرِّجه الله ويكشفه بلطفه ورحمته.
وقوله: ﴿وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ﴾ - أي: وأستعين بالله تعالى على ما بَيَّتُم من الخديعة وعلى ما تذكرون من الكذب والمحال.
وقد حفلت السنة الصحيحة بكنوز من جوامع الكلم في مفهوم الصبر والصبر الجميل:
الحديث الأول: أخرج البخاري من حديث عائشة - في قصة الإفك - قالت: [والله ما أجدُ لي ولكم مثلًا إلا أبا يوسف إذْ قال: ﴿فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ﴾] (١).
قال شيخ الإسلام رحمه الله: (الصبر الجميل هو الذي لا شكوى فيه ولا معه، والصفح الجميل هو الذي لا عتاب معه، والهجر الجميل هو الذي لا أذى معه).
الحديث الثاني: أخرجه البيهقي بسند صحيح من حديث سعد عن النبي - ﷺ - قال: [عجبت للمسلم إذا أصابته مصيبة احتسب وصبر، وإذا أصابه خيرٌ حمد الله وشكر، إن المسلم يؤجر في كل شيء حتى في اللقمة يرفعها إلى فيه] (٢).
الحديث الثالث: أخرج الإمام أحمد في المسند، بسند صحيح على شرط مسلم، عن صهيب قال: [بينا رسول الله - ﷺ - قاعد مع أصحابه إذ ضحك، فقال: ألا تسألوني مم أضحك؟ قالوا: يا رسول الله! ومم تضحك؟ قال: عجبت لأمر المؤمن، إن أمره
(٢) حديث صحيح. أخرجه البيهقي، ونحوه الطيالسي (٢١١) بإسناد صحيح، وله شاهد في مسند أحمد (٦/ ١٦) وسنن الدارمي (٢/ ٣١٨)، وأصل معناه في صحيح الإمام مسلم (٨/ ٢٢٧).