وقوله: ﴿وَأَسَرُّوهُ بِضَاعَةً﴾ - فيه أقوال:
١ - قال مجاهد: (﴿وَأَسَرُّوهُ بِضَاعَةً﴾، قال: صاحب الدلو ومن معه، قالوا لأصحابهم: إنما استبضعناه، خيفة أن يشركوهم فيه إن علموا بثمنه).
٢ - قال السدي: (لما اشتراه الرجلان، فَرَقًا من الرفقة أن يقولوا: اشتريناه، فيسألونهم الشركة، فقالا: إن سألونا: ما هذا؟ قلنا: بضاعة استبضعناه أهل الماء. فذلك قوله: ﴿وَأَسَرُّوهُ بِضَاعَةً﴾، بينهم).
٣ - قال مجاهد: (أسره التجار بعضهم من بعض).
٤ - قال قتادة: (﴿وَأَسَرُّوهُ بِضَاعَةً﴾، قال: أسروا بيعه).
٥ - قال مجاهد: (﴿وَأَسَرُّوهُ بِضَاعَةً﴾، قال: قالوا لأهل الماء: إنما هو بضاعة).
٦ - قال ابن عباس: (﴿وَأَسَرُّوهُ بِضَاعَةً﴾ يعني: إخوة يوسف، أسروا شأنه، وكتموا أن يكون أخاهم، فكتم يوسف شأنه مخافة أن تقتله إخوته، واختار البيع. فذكره إخوته لوارد القوم، فنادى أصحابه قال: يا بشرى! هذا غلامٌ يباع! فباعه إخوته).
قلت: والراجح ما ذكره شيخ المفسرين - الإمام ابن جرير رحمه الله - في تفسير هذه الآية حيث قال: (وأولى هذه الأقوال بالصواب، قولُ من قال: وأسَرَّ وارد القوم المدلي دلوَه ومن معه من أصحابه، من رفقته السيارة، أمر يوسف أنهم اشتروه، خيفةً منهم أن يستشركوهم، وقالوا لهم: هو بضاعة أبضعها معنا أهل الماء).
وقوله: ﴿وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَعْمَلُونَ﴾.
قال ابن كثير: (أي: يعلم ما يفعله إخوةُ يوسف وَمُشتروه، وهو قادرٌ على تغيير ذلك ودَفعه، ولكن له حكمةٌ وقدرٌ سابقٌ، فترَكَ ذلك ليمضي ما قدَّره وقضاه، ﴿أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ﴾ [الأعراف: ٥٤]. وفي هذا تعريضٌ لرسوله محمد - ﷺ - وإعلامٌ له بأني عالمٌ بأذى قومك لك، وأنا قادر على الإنكار عليهم، ولكن سأملي لهم، ثم أجعلُ لك العاقبة والحُكم عليهم، كما جعلتُ ليوسف الحكمَ والعاقبة على إخوته).
وقوله: ﴿وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ﴾ - أي: باع السيارة يوسف بثمن قليل.
ومن أقوال أهل التأويل في ذلك:
١ - قال ابن عباس: (فباعه إخوته بثمن بخس). قال الضحاك: (البخس: الحرام).


الصفحة التالية
Icon